Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag

Al-Khatib Al-Sharbini d. 977 AH
104

Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

Baare

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1415 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

قُلْتُ: الْأَظْهَرُ تَفْضِيلُ الْجَمْعِ بِثَلَاثِ غُرَفٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْ كُلٍّ، ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَتَثْلِيثُ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ، ــ [مغني المحتاج] وَغَيْرُهُ. وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ أَنْ يَبْلُغَ الْمَاءُ إلَى أَقْصَى الْحَنَكِ وَوَجْهَيْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَاتِ، وَيُسَنُّ إمْرَارُ إصْبَعِ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى ذَلِكَ، وَفِي الِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يُصْعِدَ الْمَاءَ بِالنَّفْسِ إلَى الْخَيْشُومِ، وَيُسَنُّ إدَارَةُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَمَجُّهُ، وَكَذَا الِاسْتِنْثَارُ، وَلِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ، وَهُوَ أَنْ يُخْرِجَ بَعْدَ الِاسْتِنْشَاقِ مَا فِي أَنْفِهِ مِنْ مَاءٍ وَأَذًى بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى، وَإِذَا بَالَغَ فِي الِاسْتِنْشَاقِ فَلَا يَسْتَقْصِي فَيَصِيرُ سَعُوطًا لَا اسْتِنْشَاقًا، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. وَأَمَّا الصَّائِمُ فَلَا يُسَنُّ لَهُ الْمُبَالَغَةُ، بَلْ تُكْرَهُ لِخَوْفِ الْإِفْطَارِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ: يُبَالِغُ فِي الْمَضْمَضَةِ دُونَ الِاسْتِنْشَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَضْمِضَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ رَدِّ الْمَاءِ عَنْ وُصُولِهِ إلَى جَوْفِهِ بِطَبْقِ حَلْقِهِ، وَلَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِالْخَيْشُومِ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يَحْرُمْ ذَلِكَ كَمَا قَالُوا بِتَحْرِيمِ الْقُبْلَةِ إذَا خَشِيَ الْإِنْزَالَ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا خَوْفُ الْفَسَادِ وَلِذَا سَوَّى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بَيْنَهُمَا فَجَزَمَ بِتَحْرِيمِ الْمُبَالَغَةِ أَيْضًا؟ . أُجِيبَ بِأَنَّ الْقُبْلَةَ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ بَلْ دَاعِيَةٌ لِمَا يُضَادُّ الصَّوْمَ مِنْ الْإِنْزَالِ، بِخِلَافِ الْمُبَالَغَةِ فِيمَا ذُكِرَ، وَبِأَنَّهُ هُنَا يُمْكِنُهُ إطْبَاقُ الْحَلْقِ وَمَجُّ الْمَاءِ، وَهُنَاكَ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّ الْمَنِيِّ إذَا خَرَجَ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ دَافِقُ، وَبِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ فِي الْقُبْلَةِ إفْسَادٌ لِعِبَادَةِ اثْنَيْنِ. (قُلْتُ: الْأَظْهَرُ تَفْضِيلُ الْجَمْعِ) بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ عَلَى الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا لِصِحَّةِ الْأَحَادِيثِ الصَّرِيحَةِ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْفَصْلِ شَيْءٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي دَاوُد الْمُتَقَدِّمُ فَفِي إسْنَادِهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ يُحْمَلُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، وَ(بِثَلَاثِ غُرَفٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْ كُلٍّ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ) أَفْضَلُ مِنْ الْجَمْعِ بِغَرْفَةٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثَلَاثًا، أَوْ يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مَرَّةً ثُمَّ كَذَلِكَ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ. الثَّانِي الْأَفْضَلُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ مِنْهَا ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ مِنْهَا ثُمَّ يَفْعَلَ مِنْهَا كَذَلِكَ ثَانِيًا وَثَالِثًا، وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَالسُّنَّةُ تَتَأَدَّى بِوَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ لِمَا عُلِمَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَفْضَلِ مِنْهَا، وَلَوْ قَالَ: وَبِثَلَاثٍ بِالْوَاوِ كَمَا قَدَّرْتُهُ لَأَفَادَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ: مِنْ أَنَّ الْجَمْعَ مُطْلَقًا أَفْضَلُ مِنْ الْفَصْلِ كَذَلِكَ (وَ) مِنْ سُنَنِهِ (تَثْلِيثُ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ) الْمَفْرُوضِ وَالْمَنْدُوبِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ ﷺ «تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، وَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ»، وَلَوْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ التَّثْلِيثَ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ التَّخْلِيلَ، وَالْقَوْلَ كَالتَّسْمِيَةِ، وَالتَّشَهُّدِ آخِرَهُ، فَقَدْ رَوَى التَّثْلِيثَ فِي التَّخْلِيلِ الْبَيْهَقِيُّ، وَفِي الْقَوْلِ فِي التَّشَهُّدِ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ التَّشَهُّدِ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ كَالتَّسْمِيَةِ مِثْلُهُ، وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يُكْرَهُ تَكْرِيرُ مَسْحِ الْخُفِّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ إلْحَاقُ الْجَبِيرَةِ وَالْعِمَامَةِ إذَا كَمَّلَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهِمَا بِالْخُفِّ، وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ، وَكَذَا النَّقْصُ عَلَيْهَا إلَّا لِعُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي

1 / 188