Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag
مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج
Baare
علي محمد معوض - عادل أحمد عبد الموجود
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م
الْوَاحِدُ الْغَفَّارُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ
ــ
[مغني المحتاج]
أَيْ مَعَ السَّابِقِينَ، فَإِنَّ مَنْ مَاتَ مُسْلِمًا لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِهِ الْجَنَّةَ، وَذُكِرَ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: صَدَقَ، وَأَنَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ الْأَسْنَانِ مَا هِيَ فَذَكَرَ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ (الْوَاحِدُ) أَيْ الَّذِي لَا تَعَدُّدَ لَهُ فَلَا يَنْقَسِمُ بِوَجْهٍ، وَلَا نَظِيرَ لَهُ فَلَا مُشَابَهَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِوَجْهٍ (الْغَفَّارُ) اسْمُ مُبَالَغَةٍ مِنْ الْغَفْرِ، وَهُوَ السَّتْرُ - أَيْ السَّتَّارُ لِذُنُوبِ مَنْ أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا يُظْهِرُهَا بِالْعِقَابِ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَقُلْ بَدَلَ الْغَفَّارِ الْقَهَّارَ اسْتِبْشَارًا وَتَرَجِّيًا؛ وَلِأَنَّ مَعْنَى الْقَهْرِ مَأْخُوذٌ مِمَّا قَبْلَهُ إذْ مِنْ شَأْنِ الْوَاحِدِ فِي مُلْكِهِ الْقَهْرُ.
فَائِدَةٌ: قَالَ الدَّمِيرِيُّ: فِي كَلِمَةِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَسْرَارٌ: مِنْهَا أَنَّ جَمِيعَ حُرُوفِهَا جَوْفِيَّةٌ لَيْسَ فِيهَا حَرْفٌ شَفَهِيٌّ إشَارَةً إلَى الْإِتْيَانِ بِهَا مِنْ خَالِصِ الْجَوْفِ، وَهُوَ الْقَلْبُ: أَيْ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ: «أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ خَالِصًا مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ» .
وَمِنْهَا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا حَرْفٌ مُعْجَمٌ إشَارَةً إلَى التَّجَرُّدِ مِنْ كُلِّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ: أَيْ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَبَشَّرَنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِكُ بِاَللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ» . وَمِنْهَا أَنَّهَا اثْنَا عَشَرَ حَرْفًا كَشُهُورِ السَّنَةِ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: وَهِيَ الْجَلَالَةُ حَرْفٌ فَرْدٌ، وَثَلَاثَةٌ سَرْدٌ، وَهِيَ أَفْضَلُ كَلِمَاتِهَا كَمَا أَنَّ الْحُرُمَ أَفْضَلُ السَّنَةِ، فَمَنْ قَالَهَا مُخْلِصًا كَفَّرَتْ عَنْهُ ذُنُوبَ سَنَةٍ: أَيْ كَمَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ. وَمِنْهَا أَنَّ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً، وَهِيَ وَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا كُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا يُكَفِّرُ ذُنُوبَ سَاعَةٍ.
(وَأَشْهَدُ) أَيْ وَأُعْلِمُ وَأُبَيِّنُ (أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) ثَبَتَ هَذَا اللَّفْظُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي التَّشَهُّدِ، وَمُحَمَّدٌ عَلَمٌ عَلَى نَبِيِّنَا ﷺ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ مَفْعُولٍ الْمُضَعَّفِ سُمِّيَ بِهِ بِإِلْهَامٍ مِنْ اللَّهِ - تَعَالَى - بِأَنَّهُ يَكْثُرُ حَمْدُ الْخَلْقِ لَهُ لِكَثْرَةِ خِصَالِهِ الْجَمِيلَةِ، كَمَا رُوِيَ فِي السِّيَرِ أَنَّهُ قِيلَ لِجَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقَدْ سَمَّاهُ فِي سَابِعِ وِلَادَتِهِ لِمَوْتِ أَبِيهِ قَبْلَهَا لِمَ سَمَّيْتَ ابْنَكَ مُحَمَّدًا وَلَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ آبَائِكَ وَلَا قَوْمِكَ؟ قَالَ رَجَوْتُ أَنْ يُحْمَدَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ رَجَاءَهُ كَمَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لِلَّهِ - تَعَالَى - أَلْفُ اسْمٍ وَلِنَبِيِّهِ ﷺ كَذَلِكَ، وَوُصِفَ بِالْعُبُودِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ
1 / 94