206

Mughamarat Caql Ula

مغامرة العقل الأولى: دراسة في الأسطورة: سوريا وبلاد الرافدين

Noocyada

بعد أن شكل مردوخ السماء والأرض، التفت إلى خلق الأجرام المضيئة، وقسم الوقت فرسم خط السمت، وحدود السنة، وجزأها إلى أشهر وأيام، وأمر القمر بالسطوع وأوكله بالليل، جعله حلية وزينة ومنظما لشهور السنة، وخلق الشمس محددة لأيام الأرض. وفي سفر التكوين بعد أن ينتهي الرب من تشكيل السماء والأرض: «وقال الرب لتكن أنوار في جلد السماء لتنير على الأرض، وكان كذلك. فعمل الرب النورين العظيمين؛ النور الأكبر لحكم النهار والنور الأصغر لحكم الليل، والنجوم، وجعلها في جلد السماء لتنير على الأرض.» (7) خلق الحيوانات والنبات

لا تحتوي ملحمة التكوين البابلية في أجزائها المقروءة شيئا عن خلق الحيوان والنبات، ويعتقد أن الأجزاء المفقودة من اللوح الخامس تتحدث عن مثل هذا الخلق. أما النص التوراتي فيتحدث عن خلق الحيوانات في اليوم الخامس. أما نبات الأرض فلم يظهر إلا بظهور الإنسان. (8) خلق الإنسان

تتفق الروايتان على أن خلق الإنسان هو آخر عمل في سلسلة الخلق التي قام بها الإله. كما تتفقان على الأهمية البالغة لهذا العمل؛ ففي بداية اللوح السادس نجد مردوخ وقد حدثته نفسه بخلق أشياء مبدعة. وقد وصف هذا العمل في مكان آخر من اللوح بأنه العمل الذي يسمو على الأفهام. أما أهمية خلق الإنسان في نص التوراة فتظهر في كونه قد خلق على صورة الإله، وأعطي السيطرة على الأرض، وسخرت له حيواناتها ونباتاتها.

وفي نصوص بابلية أخرى تتعلق بالتكوين، وجرى ذكرها سابقا تتحدث الأسطورة عن خلق الإنسان انطلاقا من زوجين أولين، وكذلك الأمر في الرواية التوراتية. وقد تم صنع الإنسان الأول في الأسطورة، إما من دم الإله وحده، وإما من دم الإله ممزوجا بالطين، ثم علقت عليه صورة الآلهة ليأتي على شبهها. وفي الرواية التوراتية يصنع الإنسان من طين على صورة الإله.

هدفت الآلهة البابلية من خلق الإنسان إلى تحميله عبء العمل الذي كان مفروضا على الآلهة. ورغم أن هذا الهدف لا يظهر واضحا في النص التوراتي، إلا أن النتيجة النهائية الأخيرة تتطابق مع غايات الأسطورة البابلية عندما يطرد آدم من الجنة ويفرض عليه العمل كعقوبة: «وقال للمرأة: تكثيرا أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولادا، وإلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك. وقال لآدم: لأنك سمعت قول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلا لا تأكل منها، ملعونة الأرض بسببك، بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك، وشوكا وحسكا تنبت لك، وتأكل عشب الحقل. بعرق وجهك تأكل خبزا، حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها؛ لأنك تراب وإلى تراب تعود.»

1

أطلقت الرواية التوراتية على الإنسان الأول اسم آدم، والواقع أن هذه الكلمة أوغاريتية فينيقية وتعني البشر أو الإنسان.

2

وقد وردت هذه الكلمة في عدة نصوص أوغاريتية ومنها ملحمة كرت، عندما يظهر الإله إيل للملك كرت في الحلم: «وبينما هو يبكي وقع في غفوة،

بينما هو يذرف الدموع غلبه النعاس.

Bog aan la aqoon