Mughamarat Caql Ula
مغامرة العقل الأولى: دراسة في الأسطورة: سوريا وبلاد الرافدين
Noocyada
20 مجلدا، أن توضع على الشبكة تحت تصرف عامة القراء والباحثين، واخترت «مؤسسة هنداوي» لحمل
هذه المهمة؛ لأنها مؤسسة رائدة في النشر الإلكتروني، سواء من جهة جودة الإخراج أو من حيث المواضيع
المتنوعة التي تثري الثقافة العربية.
جزيل الشكر ل «مؤسسة هنداوي»، وقراءة ممتعة أرجوها للجميع!
تقديم للطبعة السابعة
إنه إحساس غريب وجميل، ذاك الذي ينتاب المؤلف بعد أن يتصفح كتابه وقد خرج غضا طريا من رحم المطبعة البارد الصلب. إن كل كلمة من كلمات الكتاب وفكرة من فكره التي صارعها المؤلف وصارعته، وشذبها وشذبته خلال ليالي الأرق الطويلة، تنتمي له بالقدر نفسه الذي تنتمي فيه لنفسها وعالمها وحياتها ومنطقها الخاص.
فالكتاب كالوليد الجديد الذي ينتمي لأبويه بقدر ما يتمتع بذات منفصلة حقيقية؛ وجد مستقل، وحياة تنبض من نفسها ولنفسها. وكلما مرت الأيام ازداد الانفصال ترسخا والاستقلال توضحا وتمكنا. وكل عودة لتصفح الكتاب تؤكد للمؤلف هذه الحقيقة التي ليست بحال من الأحوال وهما أو إسقاطا؛ فبعد أن تتداول الأيدي الكتاب وتستطلعه العقول، يشتد عوده ويشب عن الطوق شاقا لنفسه طريقه الخاص، آخذا مكانه في ثقافة المجتمع وضمائر من قرأه وناقشه وحاجه، فقبل به أم ببعضه، أو عارضه فحرض فيه مواقف مغايرة وأفكارا جديدة، مخالفة. وعقب سنوات، إذا أقبل المؤلف على كتابه بعد طول انقطاع، لم يجد فيه أثرا لذلك الطفل الأثير المدلل، بل ذلك الكائن المكتفي الممتنع عن التغير والتبدل، الذي يحاوره محاورة الند للند.
هذا بالضبط ما حدث لي وأنا أقدم «مغامرة العقل الأولى» لطبعة سابعة.
لقد هممت به في محاولة لتعديل هنا، وإضافة هناك، ولكنه أبى وتمنع، وواجهني بمنطق داخلي متماسك، وبناء متراص لا تستطيع انتزاع حجر منه أو إضافة آخر، دون أن تحدث شرخا يهدد استقراره. فآثرت التراجع وإعطاءه الحق في حياة مستقلة يقرر القراء بأنفسهم مدى تجاوبها مع حياتهم ومسار تفكيرهم في دورة تداول سابعة.
أمر واحد فقط أود التعقيب عليه؛ فبسبب المواقف المسبقة التي يبحث أصحابها عن سند لاعتقادهم ودعم، كرسوا «مغامرة العقل الأولى» باعتباره كتابا في نقد الفكر الديني عموما، وكان هذا أبعد ما يكون عن أهداف الكتاب. لقد قلت في حوار مع إحدى المجلات العربية ما نصه: «لقد كان همي دوما البحث عن وحدة التجربة الروحية للإنسان عبر التاريخ، بصرف النظر عن مصدر الخبرة الدينية، وهل هي من أصل ما وراثي أم نتاج تجربة إنسانية وكدح روحي.» ففي موقفي بعض من تساؤل أحد المتصوفة الذي كان يناجي ربه قائلا: «من منا اقتحم الصومعة على صاحبه؟» أي: هل إن خبرة الإنسان الدينية هي حصيلة لإفصاح القدرة الإلهية عن مقاصدها، أم هي كدح من الإنسان لتلمس مقاصد القدرة الإلهية؟ إن الإجابة عن هذا السؤال هي تجربة فردية محضة يعانيها كل في معزل، ولا أسمح لنفسي بالتطفل عليها بإعطاء إجابة ناجزة قد تعفي البعض من حرية الأرق لتضعهم في قيد طمأنينة مستعارة. ومن ناحية أخرى فإن نوع الإجابة لا يؤثر، في اعتقادي، على جوهر التجربة الدينية وعمقها ونتائجها لدى كل فرد. إن لقاء الإلهي بالإنساني قائم عبر تاريخ الإنسان الروحي، وذلك بصرف النظر عن «من اقتحم الصومعة على صاحبه».
Bog aan la aqoon