Mughalatat Mantiqiyya
المغالطات المنطقية: فصول في المنطق غير الصوري
Noocyada
غير أن الصور البيانية لا يمكن أن تستخدم استخداما مأمونا إلا كوسيلة إيضاح لمعنى معين يرمي إليه المتحدث، إنها أدوات للتعبير وليست مصادر للمعرفة، إنها وسائل لتقريب الأفكار لا للبرهنة عليها، وسائط للتوصيل لا للتدليل، للإفهام لا للإفحام، إذا أراد المرء مثلا أن يفسر التغيرات التي تعتور الإنسان وهو يتقدم من الشباب إلى الشيخوخة فإن له أن يكتب فقرة بيانية منمقة يقول فيها:
ما أشبه الحياة بالنهر: يدرج كغدير مرح، ثم يستوي تيارا عاتيا، ثم يرزح في نهاية المطاف واهنا كليلا حتى يتبدد في البحر.
ولكن ليس لأحد أن يستمد من هذا، ومن معرفته بالأنهار، مبادئ عن إدارة الأعمال أو عن العلاقات الإنسانية!
وانظر إلى هذا الرأي التشبيهي للملك جيمس الأول:
النظام الجمهوري هو نظام زائف ومدمر؛ ذلك لأن الملك هو رأس الدولة، وإذا أنت فصلت الرأس عن الجسد فلن تعود بقية الأعضاء تؤدي وظائفها، وسيموت الجسد كله.
هكذا يتبدى بؤس التفكير التشبيهي: فالدولة لا تشبه الجسد الحي إلا مجازا وتصويرا بيانيا، ولا يمكن أن يستنبط من هذا التماثل أي قواسم مشتركة حقيقية تجمع بين الجسد والدولة.
وقد يذهب جميع الشموليين نفس المذهب، فيقولون إن الدولة أشبه بالجسد، يعمل على أفضل نحو إذا كان ثمة دماغ حاد يديره؛ لذا فإن الحكومات المتسلطة أكثر كفاءة من غيرها من الحكومات.
لا تتطرق أي من هذه التشبيهات الزائفة التي تشبه الدولة بالجسم الحي إلى الحديث عن كبد الدولة أو بنكرياسها أو آليات الإخراج بها!
ويلحق بذلك تشبيه الحضارات بالكائن الحي، وهو تشبيه تزخر به تفسيرات التاريخ ونظرياته، ففي محاولة إضفاء معنى ما على مسار التاريخ تبزغ كل صنوف المقارنة. إن جميع الحضارات السالفة تشترك في أنها الآن ماض وأنها كانت ذات يوم حضارات وأنها قبل ذلك لم تكن، ومن هذه الحقائق الثلاث النافلة المبتذلة خلص كثير من المؤرخين إلى «تشبيه دورة الحياة»
life cycle analogy : فالتعاقب البسيط «غير حي ←
Bog aan la aqoon