Mughalatat Mantiqiyya
المغالطات المنطقية: فصول في المنطق غير الصوري
Noocyada
وما تزال هذه الطريقة في التفكير تعشش في أذهاننا حتى اليوم ، فالتسونامي الآسيوي سببه تفاقم ذنوب البشر (مع أن التسونامي نتاج زلزال تحت المحيط ناجم عن انزلاق طبقي، والضحايا ربما كانوا أقل أهل الأرض ذنوبا) وإعصار كاترينا سببه السياسة الأمريكية (مع أن الأعاصير سببها حركة الرياح فوق ماء المحيط)، وما دامت هناك حقا فجوة في معرفتنا، فلن يمكنك أن تقنع من مال به هواه إلى تفسير معين دون سواه.
على هذه المغالطة السوقية تقوم حرف وترتزق طوائف: العرافة والفأل والتنجيم والرقي والتعازيم والكهانة والعلاج الشعبي.
يبشرك العراف بأحداث سعيدة، وتأتيك أحداث سعيدة؛ لأن الأحداث السعيدة تحدث طوال الوقت على كل حال، وينذرك المنجم بعواقب وخيمة، وتنزل بك نوازل غير سارة؛ لأن النوازل غير السارة تنزل دائما على كل حال، ويصف لك المشعوذ حجابا يشفي مرضك، ثم تشفى من المرض؛ لأن أغلب الأمراض يشفى تلقائيا بمرور الوقت (وإلا لما بقي حي على الأرض إلى اليوم) يتذكر الناس الرميات الصائبة والتوقعات الناجحة، ويتداولونها فيما بينهم مضخمة ومنتقاة، فتستقر في ذاكرتهم دليلا على صدق العراف أو المنجم أو المعالج، بينما تنسى تلقائيا تلك الرميات الخائبة والتوقعات الفاشلة، وهي الأكثر والأعم بما لا يقاس، وتنسدل عليها ستائر النسيان.
تسمى هذه الظاهرة في العلم «مشكلة درج السجلات» (أو درج الملفات)
file drawer problem : وهي مشكلة تنجم حين يحاول العلماء تحديد ما إذا كانت نتيجة ما هي حقيقية أم زائفة بناء على التراث البحثي المنشور، تأتي المشكلة عندما تكون هذه النتيجة هزيلة (أو غير موجودة) ولا تحدث إلا مصادفة، ومن ثم فإن من يقع عليها من الباحثين يسجلها وينشرها، مصحوبة بالهتاف والتهليل، أما الباحثون الذين لم يقعوا على هذه النتيجة قط فإنهم لا ينشرون أبحاثهم عادة وإنما يلقون بها في أدراج السجلات، هكذا تبدو الظاهرة الزائفة حقيقة علمية، لا لشيء إلا لأن الأبحاث العديدة المكذبة لها قد طويت في الأدراج، بينما نشرت الأبحاث القليلة الشاذة التي تؤيد الظاهرة، فكانت لافتة للأنظار بصخبها وبريقها.
أمثلة أخرى (1)
لبست هذا القميص اليوم وذهبت إلى الامتحان فأجبت عن جميع الأسئلة بإجادة تامة، إذن هذا القميص فأل حسن ولسوف أرتديه في كل الامتحانات القادمة. (غني عن البيان أنني أجدت في الامتحان لأني كنت مستعدا له استعدادا طيبا بالمذاكرة والدرس، وليس لأنني لبست هذا القميص أو ذاك!) (2)
تكسف الشمس، فيهرع أفراد القبيلة عن بكرة أبيهم، ويظلون يدقون الطبول بعنف، ثم تبرز الشمس من وراء الحجاب، إذن دق الطبول يسترد الشمس ويخرجها من كسوفها. (3)
أصيب حسن بصداع شديد، فعجنت له جدته عجينة من الدقيق والخل وزيت السمك وبول الأرنب، لصقها برأسه ونام، فذهب عنه الصداع بعد دقائق. (كثيرا ما يذهب الصداع تلقائيا بذهاب سببه الحقيقي.) (4)
تشوشت الصورة في تلفاز سعيد، فخبط بقوة على التلفاز، فانصلحت الصورة، إذن خبط الجهاز هو أيسر طريقة لإصلاح أعطال التلفاز. (5)
Bog aan la aqoon