Mughalatat Mantiqiyya
المغالطات المنطقية: فصول في المنطق غير الصوري
Noocyada
إن المعلومات لتأتي حقا بعد عللها، غير أن هذا «شرط ضروري»
necessary condition
لعلاقة العلية وليس «شرطا كافيا»
sufficient condition ، فلكي يوصف حدث ما «أ» بأنه «سبب» لحدث آخر «ب» ليس يكفي أن يأتي قبله، فإثبات علاقة العلية يتطلب ما هو أكثر من مجرد التعاقب أو الارتباط: يتطلب أن جميع أفراد فئة «ب»، في عينات وافرة وممثلة للفئة «ب»، تأتي دائما وأبدا بعد جميع أفراد فئة «أ»، وتغيب دائما «ب» في غياب «أ»، مع شيء من التجاور في المكان والزمان، وغياب أي عامل آخر قد يكون وراء حدوث الاثنين معا ... إلى آخر ذلك مما فصله البحث العلمي عن شروط إثبات العلاقة السببية، والطرائق العملية والإحصائية لإثبات ذلك.
أما الاكتفاء بمجرد التعاقب الزمني كدليل على علاقة السببية فهو تفكير شديد الفجاجة والسوقية، وهو سوقي لأنه يتسم بالشيوع والدخل، وبه يتقوم كل التفكير الخرافي والسحري وحكايا العجائز والوصفات الطبية الشعبية وثرثرة مجالس الفراغ والتبطل.
حين نضع جانبا ذلك التصور اليومي عن العلة والمعلول، ونتأمل الأمر بدقة وحيدة وعمق نجد أننا، رغم توهمنا فهم الآليات التي يؤدي بها كل حدث إلى الآخر، لا نشهد في الحقيقة شيئا اسمه «العلية»، وكل ما نشهده هو تواترات وارتباطات وتتابعات من الأحداث، بحيث تئول فكرة السببية في النهاية إلى «توقعنا» للاطراد والارتباط، تقترب الإصبع من اللهب فتتألم، فنسمي اللهب «سببا»
cause
والألم «مسببا»
effect
أو «معلولا» أو «نتيجة»؛ لأننا نتوقع الثاني كلما حدث الأول، ونحن بالطبع نلفق تفسيرات لنملأ الثغرات غير المرئية بين الحدثين، فكيف عرفنا أن هذه الأحداث غير المنظورة هي الأسباب حقا؟! لا شيء ... إنها تتوالى دائما ويعقب بعضها بعضا!
Bog aan la aqoon