[٤٣] وعَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: غِلَظُ القُلُوبِ وَالجَفَاءُ فِي المَشرِقِ، وَالإِيمَانُ فِي أهل الحِجَازِ.
رواه أحمد (٣/ ٣٤٥)، ومسلم (٥٣).
* * *
ــ
ذلك مِن مراتب أهل الدنيا. والخُيَلاَء: ممدودة وزنُهُ عند سيبويه: فُعَلاَء، وهي التكبُّرُ والتعاظم؛ يقال: خالَ الرجلُ يَخُولُ، فهو خَالٌ وذو خَالٍ ومَخِيلَةٍ؛ ومنه قولُ طلحةَ لِعُمَرَ: إنَّا لاَ نَخُولُ عليك، أي: لا نتكبَّر عليك، ويقالُ: اختالَ يختالُ فهو مختالٌ؛ ومنه قولُهُ تعالى: وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُختَالٍ فَخُورٍ. وأهلُ الوَبَر، يعني به: أهلَ ذات الوبر، وهي الإبلُ، والوَبَرُ للإبل كالصوفِ للغَنَمِ، والشَّعرِ للمَعز؛ ولذلك قال الله تعالى: وَمِن أَصوَافِهَا وَأَوبَارِهَا وَأَشعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ. وهذا منه ﷺ إخبارٌ عن أكثرِ حالِ أهلِ الغنم، وأهلِ الإبلِ وأغلبه. ورَأسُ الكُفرِ: معظمُهُ ويريدُ: أنَّ كثرةَ أهلِهِ ورياستَهُم هناك. والحجاز سُمِّيَ بذلك؛ لِحَجزه بين نَجدٍ وتِهَامَةَ؛ قاله القتبي، وقال ابنُ دُرَيد: لحجزه بين نجد والسَّرَاة، قال الأصمعي: إذا انحدَرتَ من ثنايا ذاتِ عِرق، فقد أَتهَمتَ إلى البحر، فإذا استَقبَلَكَ الحِرَارُ، فذلك الحجاز، سمِّيت بذلك؛ لأنَّها حُجِزَت بالحِرَارِ الخَمس (١)، وقيل: حَدُّ الحجاز مِن جهة الشام: شَعبٌ، ومما يلي تِهَامَةَ: بَدرٌ وعُكَاظ. قال بعضُ علمائنا: يجوزُ أن يكون المرادُ بالحجاز في هذا الحديث: المدينةَ فقط؛ لأنه ﵊ قال: إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأرِزُ إِلَى المَدِينَةِ (٢).