وأما عطارد فذكر أنه يابس في وقت ورطب في وقت فأما يبسه فلقربه من الشمس وأما رطو بته فلقرب فلكه من فلك القمر وإنه يناله بخار الأرض فيرطبه فأما ما ذكر من يبسه لقرب فلكه من الشمس فلو كان هذا هكذا لكان يجب أن يكون الزهرة أيبس من عطارد لأن فلكها أقرب إلى الشمس من فلك عطارد وقد أبطلنا مرارا أن تكون الشمس تسخن أجرام الكواكب أو تيبسها وأما قوله أن رطو بته إنما هي لقرب فلكه من القمر ولأن بخار الأرض يناله فيرطبه فقد أبطلنا أن يكون الكواكب يرطب بعضها بعضا وأن تكون البخارات التي ترتفع من الأرض تبلغ إلى فلك القمر فكيف يجوزه حتى يبلغ إلى فلك عطارد فيرطبه الفصل الثاني في طبائع الكواكب وسعودها ونحوسها والممتزج منها على ما زعم عامة أصحاب النجوم
إنا لما أردنا ذكر طبائع الكواكب وسعودها ونحوسها والممتزج منها على ما زعم عامة أصحاب النجوم بدأنا بذكر الأركان الأربعة والأخلاط المركبة وطبائعها وخاصيتها ذكرا مرسلا وإنما فعلنا ذلك لأنهم زعموا أنهم عرفوا سعود الكواكب ونحوسها والممتزج منها حين قاسوا طبائعها إلى طبائع الأركان الأربعة والأخلاط المركبة فأما ما ذكروا من طبائع الأركان الأربعة والأخلاط المركبة فقد أصابوا فيها فأما قياسهم عليها فإنه قياس فاسد لأنهم غلطوا في قياسهم وضلوا عن سبيل الصواب
وكان أول ما بدؤوا به أن قالوا إن العلماء الأولين مجمعون على أن الأشياء الموجودة التي دون فلك القمر إنما هي الأركان الأربعة وما يحدث منها من الأخلاط المركبة والأشخاص المفردة فأما الأركان الأربعة فهي النار والهواء والماء والأرض وأما الأخلاط المركبة فهي المرة الصفراء والدم والبلغم والمرة السوداء
Bogga 356