فإذا كان القمر مجامعا للشمس فإنه يكون ماء المد كثيرا قو يا طو يل الزمان ويكون زمان الجزر أقل منه لأن القمر إذا جامع الشمس زاد اجتماعه معها في قوة القمر لأن للشمس في قوة المد فعلا أيضا فإذا اجتمعا قو يت دلالة القمر فيكون تحريكه للماء في ذلك الوقت أكثر منه في غير ذلك الوقت وكذلك القمر كلما جامع كوكبا من الكواكب الدالة على قوة المد زاد ذلك في قوته فتقوى حركة ذلك المد لقوة القمر ويكون ماء المد زائدا إلا أن القمر إذا قارن الشمس فإنه يكون في ذلك الوقت أقوى وأظهر فعلا في المد منه إذا قارنه غيرها للعلة التي ذكرنا
ولأن للشمس في القمر من الفعل ما ليس بشيء من الكواكب فيه مثله لأن زيادته في الضوء ونقصانه منه وكثيرا من حركاته إنما هو على قدر بعده أو قربه منها فلذلك كلما كان من الشمس على بعد معلوم فإنه يحدث في ذلك الوقت في المد تغيير في قوته أو ضعفه لأنه إذا كان بعد الاجتماع وتباعد منها فإنه على قدر تباعده تنقص قوة المد عن القدر الذي كان عليه في الاجتماع وينقص زمانه ويزيد في زمان الجزر إلى أن يبلغ القمر إلى تربيع الشمس الأول وهو حيث يكون بين القمر وبين الشمس تسعون درجة ويكون في جرم القمر نصف الضوء فعند ذلك ينتهي نقصان المد منتهاه من هذه الدلالة
فإذا جاز القمر تربيع الشمس يكون في جرم القمر من الضوء أكثر من نصفه وهناك يبتدئ المد يزيد في كثرة مائه وقوته وطول زمانه فلا يزال كلما زاد الضوء في جرم القمر يزيد المد قوة حتى ينتهي القمر إلى الامتلاء فعند ذلك يكون ماء المد قو يا غالبا كثيرا ويكون لبثه زمانا طو يلا وينتهي المد منتهاه ويكون زمان الجزر قليلا فإذا جاز القمر استقبال الشمس ونقص من ضوئه نقصت قوة المد وازداد ضعفا وقل زمان لبثه فلا يزال ماء المد كذلك ينقص ويضعف إلى أن يبلغ القمر إلى تربيع الشمس الثاني وهو حيث يكون بينه وبين الشمس تسعون درجة وهو ذاهب إلى الشمس فحينئذ ينتهي نقصان المد منتهاه من هذه الدلالة إلا أن المد يكون إذا كان القمر في هذا التربيع الثاني أضعف منه حيث كان في التربيع الأول لأن القمر في هذا الوقت ينقص من ضوئه
Bogga 290