واعلم أن مواضع البحر مختلفة العروض لاختلاف عروض البلدان فإذا أردت معرفة ساعات المد والجزر في موضع من مواضع البحر فاعرف عرض ذلك الموضع ومطالعه ثم اعلم طلوع القمر بمطالع ذلك الموضع فأما قوة المد والجزر وضعفهما وكثرة مائهما وقلته وزيادتهما ونقصانهما وأيهما يكون أطول وأدوم زمانا ففي معرفة ذلك وعلمه وجوه كثيرة سنأتي على ذكرها إن شاء الله الفصل السادس في كثرة ماء المد وقلته
قد ذكرنا قبل هذا أن زمان المد الذي يكون والقمر فوق الأرض مثل زمان الجزر الذي يكون بعده وزمان المد الذي يكون والقمر تحت الأرض مثل زمان الجزر الذي يكون بعده إلا أنه ربما عرض أن يكون زمان المد والقمر فوق الأرض أطول من زمان الجزر الذي بعده أو يكون زمان المد والقمر تحت الأرض أطول من زمان الجزر الذي بعده وإذا زاد زمان المد على القدر الذي كنا حددناه من بلوغ القمر بعض المواضع الدالة على المدة فإنه ينقص من زمان الجزر الذي بعده مثل ما زاد في زمان المد بالتقريب وإذا نقص من زمان المد شيء فإنه يزيد مثل ذلك في زمان الجزر الذي بعده حتى يكون جميعهما مثل ما ذكرنا فأما الذي ذكرنا أنه يعرض من طول زمان المد أو قصره أو طول زمان الجزر أو قصره فانظر فإذا كانت أدلاء كثرة ماء المد وقوته وغلبته كثيرة فإنه يدوم المد إلى أن يزول القمر عن درجة الوتد المحدود للمد بنحو من ساعة أو أكثر أو أقل قليلا وإنما يكون ذلك لقوة حركة الماء وشدة جريته لا من دلالة القمر فيكون زمان المد طو يلا لهذه العلة وإذا كان أدلة المد ضعيفة فإنه يجزر الماء قبل بلوغ القمر إلى الموضع المحدود للمد بنحو من ساعة أو أكثر أو أقل وإنما يكون ذلك لضعف حركة الماء وقلة جريته فتقصر زمان المد لهذا السبب لا لعلة دلالة القمر
Bogga 286