107

Mudkhal Kabir

Noocyada

ونحن نريد الآن أن نذكر خاصية دلالة القمر على المد والجزر وغيرهما من الأشياء وذلك أن الفيلسوف قال إن أعم دلالة الشمس على النار والهواء وأعم دلالة القمر على الماء والأرض وإنما صارت دلالة الشمس والقمر في هذا العالم أقوى وأظهر من دلالة سائر الكواكب لعلتين إحداهما أن الشمس أكبر الكواكب قدرا وهي متوسطة البعد منا والقمر أقرب الكواكب إلينا فأما سائر الكواكب فإن بعضها وإن كان فيه كبر فإنه بعيد عنا وبعضها وإن كان قريبا منا فإنه صغير القدر والقمر أقرب إلينا منه والعلة الثانية أن الكواكب نيرة مضيئة لا شعاع لها فالذي يظهر من فعلها في هذا العالم إنما هو بقوة حركاتها وضوئها فأما النيران فإن لهما شعاعا قوي الفعل في هذا العالم فهما يفعلان فينا بحركاتهما وشعاعهما وهما يؤديان طبائع الكواكب إلى هذا العالم في الأركان الأربعة وقد زعم بقراط في كتاب الأسابيع أن القمر هو المتوسط بين الأجرام السماوية والأرضية وهو المؤدي من الأجرام العلوية إلى الأجرام الأرضية وهو المغير للهواء فلهاتين العلتين صارت قوة حركة النيرين أظهر في هذا العالم من قوة حركة غيرهما من الكواكب

فأما الشمس فقد ذكرنا قوتها في اعتدال الهواء والتركيبات وسائر الأشياء وأما القمر فإن أقوى دلالته على المياه والبحار والأرضين وحال الحيوانات وتغيير الأبدان والصحة والأمراض وأيام المرضى التي هي في البحرانات والحالات المختلفة والتوالد والأشجار والنبات والفواكه والرياحين وأشياء سنذكرها فأما دلالته على البحار فكما نرى المد والجزر متصلين بالقمر لأن القمر هو علة المد والجزر الذي يكون في البحار وقد ذكر القوم الذين نظروا في الأشياء الطبيعية أن من البحار ما يزيد من حين يفارق القمر الشمس إلى نصف الشهر الذي هو الامتلاء ثم ينقص من بعد الامتلاء عند نقصان القمر إلى آخر الشهر الذي هو المحاق ومنها ما يمد ويجزر في كل يوم وليلة مع طلوع القمر وبلوغه إلى وسط السماء ومغيبه

Bogga 264