ويستدل أيضا بالبحر الشامي فإنه إذا صارت الشمس في أول العقرب إلى أن تصير إلى أول الحوت في هذه الأربعة الأشهر لا يستطيع الناس ركو به وذلك لأن الشمس تتباعد عنه وتحدث فيه رياح عاصفة وهذه المواضع التي ذكرناها في ناحية الشمال فأما المواضع الجنوبية المحترقة من شدة الحر فإن الموضع الذي عرضه عن خط الاستواء تسع عشرة درجة لا يتركب فيه حيوان ولا نبات وذلك لشدة حرارة الشمس فيه لأن الشمس إذا صارت في السنبلة في خمس درجات إلى أن تبلغ إلى الحوت خمس درجات تقرب منهم فتحرق كل شيء هناك والبحيرتان اللتان هما مادتا النيل هما في هذه البلاد المحترقة وفي هذا الموضع المحترق الذي ذكرنا البحر الزنجي وهو بحر لا يكون فيه شيء من الحيوان لشدة حرارة مائه وغلظه وذلك لأن الشمس إذا طلعت على هذا البحريجذب إليها بحرارتها الماء اللطيف الذي فيه فيغلظ ماء ذلك البحر ويصير مالحا ويسخن سخونة شديدة فلغلظ الماء وملوحته تبقى تلك السخونة فيه الليل كله فلهذه العلة يكون ماء هذا البحر غليظا مالحا لا يركبه الناس ولا يكون في عامته شيء من الحيوان وفي تلك الناحية مواضع كثيرة لا يتركب فيها الحيوان لشدة الحر فيها
فقد استدللنا بما وصفنا أن المواضع التي تبعد الشمس عنها فيشتد بردها أو تقرب منها فيشتد حرها إنها تفرط في الحر والبرد وإنه لا يتركب فيها حيوان ولا نبات وإن باعتدالها يكون قوام الطبائع والمطبوع ولو أن الشمس صارت إلى فلك الكواكب الثابتة لفسدت الطبائع والمطبوع ولو أنها انحدرت إلى فلك القمر لفسدت وذلك لأن في بعدها وقربها فساد للطبائع والمطبوع فلهذه العلة جعل البارئ الشمس وسط الكواكب السبعة لتكون بحركتها الطبيعية على هذا العالم الأرضي اعتدال الطبائع والمطبوع
Bogga 250