122

هذه تعليمات لفخامتكم فيما يتعلق بمهمتكم في مؤتمر وزراء الخارجية العرب بمصر: (1)

اقرؤوا السلام دولة ماهر باشا والنقراشي باشا وليعلما أنني محتفظ لدولته ولمعاليه بأرق شعور المودة وأحاسيس الأخوة. (2)

أقدر تمام التقدير الشعور العام العربي بخصوص الوحدة العربية وقد نظرت باهتمام إلى البروتوكول الذي هيأه مؤتمر الإسكندرية، ومن المعلوم أن الوحدة العربية إذا حصلت تكون الأساس المتين للعرب في آسيا وأفريقيا وفي البلاد الإسلامية كتركيا وإيران والأفغان. إن هذه الوحدة متى اقترنت بالحرية والسيادة والعسكرية غير المقيدة كانت خير عون للديمقراطيات في كل موقف وفي كل أزمة، وإذا قلنا الديمقراطيات فنحن نعني بها أي دولة قديمة ديمقراطية لها أغلبية كبرى من التبعة المسلمين، تلك الحكومات التي مشت مع التاريخ الإسلامي من القرن المسيحي السابع إلى اليوم. (3)

من المعلوم أن النهضة العربية عند نجومها، كانت البلاد العربية موحدة بمجموعها خديوية مصر بالنظر لسلطة السلطان العثماني، وليست هناك حواجز جمركية أو موانع تتعلق بجوازات السفر، وقد كانت وحدة تعليمية. (4)

إنه لما جاء الدستور العثماني وتسلطت فرقة الاتحاد والترقي على الدولة العثمانية ومشت نحو تتريك العناصر وإخراجها عن صبغتها القومية وعدم الاعتداد بمرامي الشريعة السمحة المحمدية، والثورات في اليمن وعسير، والمطالبة في سوريا بإدارة لا مركزية، كل هذه الدوافع ساقت العرب إلى الرغبة في الانفصال عن هذا الجسم العتيق الواهي، وكانت النهضة وهي الحركة العربية الثانية التي تلت حركة محمد علي باشا والي مصر الذي وصل بجيوشه إلى قونيا لهذا الغرض نفسه. (5)

فإن كانت الحركة الأولى جرت إلى حيازة مصر العزيزة ما حازته من تخلص من تلك اليد، فإن الحركة الأخيرة العربية أدت إلى عين النتيجة نفسها في البلاد، ولم يكن يتصور أن هذه الحركة تجر إلى تفتت وتفريق يقع علي أثر انتهاء الحرب العظمى السابقة، ذلك التفرق الذي تسعون جميعا اليوم لجمعه. (6)

ومن هذا يفهم أن الأمر دقيق وخطير، ولكن نعتقد بحسن النية في الجميع. فالبيت الهاشمي الذي تزعم هذه الحركة التي لها صلة غير منفكة بتاريخ محمد علي باشا الكبير وبتاريخ الشريف محمد بن عون صديق ورفيق محمد علي باشا، يضع نصب عيون اعتباركم مسؤولياتها في تحقيق مراميها. ونلفت الأنظار إلى حالة التقسيمات الحاضرة لتنظروا إليها بعين حقيقتها. وليست البلاد العربية اليوم حرة بعيدة عن الأيدي والأنظار التي لها مقاصدها الكبرى اليوم غير ما كانت عليه قبل عصر المطامع في الغاز والمعابر إلى البحار الكبرى، يجعل هذا الشرق في دقة ورقة مخيفتين. فإذا رأينا إلى ما لمصر من إدارة وتشكيلات، وما للعراق كذلك من وحدة وتهيئة، لا نرى هذا في الحجاز ونجد ولا في سوريا بأجمعها؛ وإن لمصر من المعلومات والأخبار عن حالة الأمة الحجازية ما يغنينا عن الشرح، ولديها أيضا من الأخبار والمعلومات عما للقضية الصهيونية والانتداب الفرنسي بسوريا ما يغنينا عن الإشارة إلى ذلك. وإن لكل بلد من المجموعة الأفريقية وآسيا من المسائل المعلقة غير المحلولة ما يلفت النظر. والوقت ليس بوقت تشكيك، بل هو وقت ائتلاف وتضامن نزيه يوجب الاعتراف بما هنا وهناك من أدواء قومية وأجنبية واجبة الإصلاح. لذلك تتقدمون إلى المؤتمر وأنتم على علم من هذا لنقله إلى رئاسة الوزارة ووزارة الخارجية بمصر، وأن الاعتقاد في أن مصر تقف موقف الأخ المحايد الجامع الناس للخير، وهذه فكرة العراق الشقيق، والسلام عليكم.

رغدان في 29 صفر 1364 الموافق 12 شباط 1945

سوريا

كيف تستقل وتدوم وهي مجزأة؟!

Bog aan la aqoon