وكيف أختاره؟
ومن بين الناس، أم من بين صور الكتب، أم أختار الرجل الواحد الذي يختارني؟
أليس من الضروري أن أبحث عنه بين الرجال؟ وكيف أبحث عنه إذا لم أنتقل هنا وهناك أنظر في وجوه الرجال وعيونهم، وأسمع أصواتهم وأنفاسهم، وألمس أصابعهم وشواربهم، وأكشف عن أعماق قلوبهم وعقولهم؟ وهل يمكن لي أن أعرف رجلي في الظلام أو من وراء الشيش أو من على بعد كيلومتر؟
أليس من الضروري أن أراه في النور؟ وأختبره وأعرفه؟
أليس من الضروري أن تسبق التجربة المعرفة؟ أم إنهم يريدون مني أن أقع في الخطأ مرة أخرى؟
كان لا مفر لي من أن أخوض التجربة، أخطر تجربة في حياة المرأة؛ تجربة اختيار الرجل، تجربة البحث عن الحب. •••
لم أكن أرى منه إلا عينيه؛ كانت ملامح وجهه تختفي دائما تحت قناع الوقاية الأبيض، وأصابع يديه تختفي تحت القفاز الجلدي المعقم، وملامح جسمه تختفي تحت رداء العمليات الواسع، وقدماه تختفيان في حذاء كبير له رقبة طويلة، وأنفاسه تختفي في أنفاس جهاز التخدير الذي يملأ الحجرة برائحة الأثير.
رأيته ينظر إلي خلسة، ولم يكن معنا في الحجرة إلا رجل واحد فاقد الوعي من أثر المخدر، يرقد على منضدة العمليات مغمض العينين وقد ظهرت أمعاؤه من فتحة كبيرة في بطنه.
لماذا يختلس النظرات؟ ممن يخاف؟ من هذا الرجل الغائب عن الوعي، أم مني، أم من نفسه؟ أم إنه تعود على أن يخاف وعلى أن يختلس النظر؟
وسمعته يقول: لماذا أنت سارحة؟ فيم تفكرين؟ - في الرجل. - أي رجل؟ - هذا الرجل الذي فتحنا بطنه.
Bog aan la aqoon