وقفز الرجل من مقعده، وقفزت عمامته من فوق رأسه، فأمسكها بكلتا يديه صائحا: أستغفر الله! أستغفر الله! •••
بلل الشيخ المعمم أصابعه بطرف لسانه وغمس القلم في الحبر، وبسمل وحوقل واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم، وشمر كمه الواسع ثم كتب قسيمتي الزواج، ومد لي يده بإحداهما وقال: وقعي بإمضائك هنا.
وقلت له في عناد: دعني أقرأها كلها أولا.
ونظر إلي في غيظ وترك لي الورقة أقرؤها.
ووقعت عيناي على كلمات غريبة تشبه الكلمات التي تكتب في عقود إيجار الشقة والدكاكين وقطع الأرض الزراعية! «إنه في يوم كذا ... بحضوري وعن يدي أنا فلان ... مأذون الجهة كذا ... التابعة لمحكمة كذا ... للأحوال الشخصية. تزوج فلان ... فلانة ... على صداق قدره كذا ... الحال منه مبلغ ... والمؤجل منه مبلغ ... زواجا شرعيا على كتاب الله وسنة رسوله
صلى الله عليه وسلم
بإيجاب وقبول شرعيين صادرين من الزوج المذكور، وذلك بعد تعريفهما المعرفة الشرعية، والتحقق من خلو الطرفين من كل مانع شرعي ونظامي، والتحقق أيضا أن الزوجة ليس لها معاش أو مرتب بالحكومة، وليس لها مال يزيد على مائتي جنيه بشهادة كل من فلان ... وفلان ...»
أمسكت الورقة بكلتا يدي لأمزقها، لكنه أخذها مني ورأيت في عينيه نظرة الضعف والاحتياج التي تجعلني أخجل من التمرد عليه وأترفع عن عصيانه، وقال في هدوء: إنه إجراء شكلي ليس إلا.
ووقعت باسمي على العقد. •••
وكأنما وقعت على شهادة وفاتي.
Bog aan la aqoon