فكرت من حيث لا أدري أنني أجلس وحدي في منتصف الليل مع رجل لا يفصلني عنه إلا باب حجرته المغلق.
جاءتني هذه الفكرة وأنا يقظة مفتوحة العينين كوهم من أوهام الليل؛ فشعرت بالخوف. لا، ليس الخوف، ولكن القلق. لا، ليس القلق، ولكن الرغبة. لا، ليست الرغبة، ولكنه شعور مزعج غريب أرغم عيني على اختلاس النظر إلى الباب المغلق من حين إلى حين. •••
دق جرس التليفون إلى جواري، وجاءني صوت الممرضة النوبتجية يدعوني إلى إغاثة مريضة.
انقضت لحظة خاطفة ووجدتني أقف في عنبر من عنابر المستشفى بجوار سرير أبيض ترقد عليه المريضة، وكانت عروسا شابة.
وضعت السماعة على صدرها وسمعت صوت دقات قلبها. كانت صمامات قلبها مثقلة بتلك الألياف والأنسجة التي تراكمت عليه بفعل الروماتزم، وأصبحت تحدث أصواتا نشازا لا تتفق مع ذلك النغم السابق الذي كنت أسمعه لدقات القلب السليم.
غلظت الصمامات وضاعت مرونتها، فعجزت عن أن تغلق حجرات القلب بإحكام، فأصبح الدم يتسرب منها في خرير يشبه خرير الساقية الخربة.
ونظرت إلى المرأة الشابة، ورأيت بريق الأمل في عينيها، وقالت لي في فرحة: ماذا أسميه؟ إنه أول ابن لي.
قلت لها وأنا أخفي عينيها بقناع التخدير: لا أدري، إننا لا نعرف بعد هل سيكون ولدا أم بنتا؟
ومرت لحظات، لحظات رهيبة، ورأيت شعر الطفل الأسود الناعم يطل من الظلام إلى النور، يحوطه فكا العلم المعدنيان الصلبان. ووضعت السماعة على قلب المرأة، إن قلبها يناضل ويئن، والدم يخر خريرا ضعيفا، والصمامات تصفق تصفيقا شديدا. ثم رأيت الطفل يندفع إلى الخارج بقوة ويصرخ صرخة عالية، وتهلل وجهي في فرحة ودهشة وأنا أرى الإنسان وهو يفتح عينيه الصغيرتين لأول مرة في حياته، ويرى العالم الواسع.
لكني أفقت بعد لحظة على سكون رهيب كسكون القبور؛ ضاع خرير الدم، وتوقفت الصمامات عن التصفيق، ونظرت إلى المرأة ...
Bog aan la aqoon