وكانت حركات الرجل البدين قد غابت في أول الأمر عن نظر المستر ولر، ولكنه حين رأى عيني المستر بكوك تتجهان إليه بين لحظة وأخرى، بدأ شيئا فشيئا ينظر في اتجاه نظرات سيده، مظللا عينيه بكفه، كأنما قد عرف الرجل بعض المعرفة، ولكنه يريد أن يستوثق من شخصيته، غير أن شكوكه لم تلبث أن تبددت، فإن ذلك الرجل البدين راح ينفخ الدخان المتصاعد من قصبته، ويطلق من صوته الأجش، كأنه خارج من بطنه، ومنبعث من تحت اللفاعات الكثيفة التي تغطي حنجرته وصدره، هذا النداء البطيء النبرات: «وي، هذا سامي!»
وقال المستر بكوك: «من يكون هذا يا سام؟»
وأجاب المستر ولر، والدهشة بادية في عينيه: «ما كنت لأصدق عيني يا سيدي، إنه الرجل الكبير.»
وقال المستر بكوك: «الرجل الكبير! أي رجل كبير؟»
وأجاب المستر ولر: «والدي يا سيدي، كيف أنت يا أبي؟»
ومضى بهذا التعبير الجميل عن محبته البنوية يفسح مكانا فوق المقعد بجانبه، لجلوس الرجل البدين الذي تقدم والقصبة في فمه، ووعاء الشراب في كفه، للسلام عليه.
وقال الوالد: «وي يا سامي، لم تقع عيني عليك من عامين أو أكثر.»
وأجاب الابن: «وأكثر أيها الشيخ البخيل، وكيف حال امرأة أبي؟»
وقال المستر ولر الكبير في جد كثير: «وي يا سامي، اسمع مني، ليس في الدنيا أرملة ألطف ولا أظرف من هذه الزوجة الثانية التي تزوجتها، إنها مخلوقة لطيفة يا سامي، وكل ما أستطيع أن أقوله عنها الآن أنها امرأة لطيفة فوق العادة، ومن الأسف الشديد أنها غيرت أحوالها، إنها لا تؤدي وظيفة الزوجة يا سامي.»
وقال المستر ولر الصغير: «ألا تؤدي الوظيفة حقا؟»
Bog aan la aqoon