297

Xusuus-qorka Pickwick

مذكرات بكوك

Noocyada

وراح المستر ولر دون أن يكلف نفسه شيئا ينزل سيده السلم، ويسير به إلى الفناء، حتى إذا استقر به في «كورنهل» واطمأن، عاد يمشي خلفه، تاركه يذهب به إلى أي مكان يشاء.

ومضى المستر بكوك مشدوها، شارد الخاطر، فاجتاز دار البلدية، وعطف على حي شيبصايد، وبدأ سام يعجب له أين تراه يريد الذهاب، وعندئذ دار سيده إليه فقال: «يا سام، سأذهب في الحال إلى مكتب المستر بركر.»

وأجاب المستر ولر: «هذا هو المكان بالذات الذي كان أولى بك أن تذهب إليه في الليلة الماضية يا سيدي.»

وقال المستر بكوك: «هذا صحيح يا سام.»

وأجاب المستر ولر: «أنا أعرف أنه صحيح.»

ومضى سيده يقول: «حسن، حسن يا سام! فلنذهب إليه في الحال، ولكني أولا أراني معكر المزاج مما حدث، وأحب أن أتناول كأسا من البراندي بالماء الساخن يا سام، فأين تظنني أتناوله؟»

وكان علم المستر ولر بلندن واسع المدى عجيبا، فأجاب على الفور، وبلا أقل تفكير: «اتجه إلى اليمين، واقصد المحل الذي قبل الأخير، وعلى يمينك أيضا، وخذ المقصورة التي أمام أول موقدة؛ لأن المائدة التي فيها ليست لها رجل في الوسط، ولكن الموائد الأخرى لها أرجل وسطى، وهي متعبة جدا.»

واتبع المستر بكوك توجيهات خادمه بالحرف الواحد، وطلب إليه أن يتبعه، ودخل الحانة التي أشار سام إليها، ولم يلبث البراندي المزيج بالماء الساخن أن وضع أمامه، بينما جلس المستر ولر احتراما له على مسافة منه، إلى المائدة ذاتها، وسعى إليه الخادم بقدر طيب من النبيذ.

وكانت القاعة بسيطة كل البساطة، والظاهر أن حوذية المركبات الحافلة هم الذين يتولون أمر الإشراف عليها خاصة؛ لأن عددا كبيرا ممن تلوح عليهم مظاهر السائقين كانوا جلوسا في المقاصير يشربون ويدخنون.

وكان من بينهم رجل بدين، محمر الوجه، تجاوز حدود الكهولة، يجلس في المقصورة المقابلة، وقد جذب شكله اهتماما خاصا من المستر بكوك، فقد كان مفرطا في التدخين، وكان بين كل بضعة أنفاس من الدخان ينزع القصبة من فمه، وينظر أولا إلى المستر ولر، ثم إلى المستر بكوك، ثم يكب بعد ذلك على وعاء من الشراب، فيدخل فيه من وجهه ما يسمح حجم الوعاء بدخوله، ويعود فينظر إليهما، ثم يتناول بضعة أنفاس من الدخان، وهو مستغرق في التفكير، ويعاود إلقاء نظرة عليهما، وأخيرا راح يضع ساقيه على المقعد، ويسند ظهره إلى الجدار، ويعاود أخذ أنفاس مستطيلة من القصبة، وهو يحملق فيهما البصر من خلال ذوائب الدخان المتصاعدة منها، كأنما قد صحت منه النية على أن يشهد منهما أكبر قدر ممكن من المشاهدة.

Bog aan la aqoon