وهنا أشار المستر ولر بإبهامه من فوق كتفه، فتطلع المستر بكوك ببصره، فتبين له أن وجوه الكتبة الأربعة جميعا تنم عن سرور بالغ، وأنهم يطلون برءوسهم من فوق الحاجز الخشبي، ويدققون البحث في شكل هذا العابث «المزعوم» بأفئدة النساء، والمكدر لصفاء عيشهن، وما إن تطلع ببصره حتى توارت تلك الرءوس فجأة، وتلا اختفاءها صرير الأقلام، وهي تمر على الورق بسرعة متناهية.
ودق الجرس في المكتب فجأة، طالبا حضور المستر جكسن إلى مكتب فج، فانصرف مسرعا، وعاد يقول: «إنه - أي فج - مستعد لمقابلة المستر بكوك، لو تكرم بالصعود إلى غرفته.»
وصعد المستر بكوك السلم، تاركا سام ولر في الطابق الأرضي، وكان مكتوبا على باب الغرفة «المستر فج» بحروف واضحة، وبعد أن طرق جكسن الباب، وقيل له: «ادخل.» تقدم ليعلن أن المستر بكوك قد حضر.
وسأل المستر فج الكاتب: «هل المستر ددسن هنا؟»
وأجاب جكسن: «لقد حضر اللحظة يا سيدي.» - «ادعه إلى الحضور.» - «نعم يا سيدي.»
وانصرف جكسن ... وانثنى المستر فج يقول للمستر بكوك: «تفضل بالجلوس يا سيدي، ها هو ذا الورق يا سيدي، وسيأتي شريكي في الحال، وعندئذ نستطيع أن نتحادث في هذه المسألة يا سيدي.»
وجلس المستر بكوك وتناول الورق، ولكنه لم يقرأه، بل مضى يطل من فوقه على الرجل الجالس أمامه، فإذا هو يبدو لعينه كهلا ذي وجه كثير البثور، يلوح كأنه من معاشر النباتيين وأكلة الخضر، في رداء أسود، وسراويل رمادية، وأغطية سيقان سود، وكأنه جزء لا يتجزأ من المكتب الذي جلس إليه، ويماثله تفكيرا وإحساسا.
وانقضت بضع لحظات في صمت، وعندئذ دخل المستر ددسن، فإذا هو رجل بدين، مهيب، عبوس، جهير الصوت.
وابتدأ الحديث.
قال فج: «ها هو المستر بكوك.»
Bog aan la aqoon