257

Xusuus-qorka Pickwick

مذكرات بكوك

Noocyada

الفصل الثامن عشر

يبين بإيجاز مسألتين: الأولى قوة «التشنجات»، والأخرى قوة «الظروف». ***

وظل البكوكيون يومين عقب مأدبة الإفطار في دار مسز هنتر، مقيمين في إيتنزول، يرتقبون في قلق وصول أنباء من زعيمهم الموقر، وهكذا وجد المستر طبمن والمستر سنودجراس نفسيهما متبطلين يلهوان كما شاءا؛ لأن المستر ونكل لبث مقيما في دار المستر بت؛ تلبية لدعوة ملحة، مكرسا وقته لمرافقة السيدة المحببة، ولم يكن مجلسهما بين الفينة والفينة ينقصه حضور المستر بت نفسه، ليستكملا هناءتهما، ولئن كان في شغل شاغل أكثر وقته بالتفكير في الصالح العام، والقضاء على الصحيفة المعارضة «الإنديبندنت»، فلم تكن من عادة ذلك الرجل العظيم أن يهبط من أوجه الذهني إلى وهدة الأذهان العادية، ولكنه في هذه المناسبة بالذات، وعلى سبيل المجاملة المقصودة لأي مريد من من مريدي المستر بكوك، اضطر إلى التنزل من عليائه، والتسامح في كبريائه، والهبوط من قاعدة تمثاله للمشي على الأرض، والتعطف بالنزول بأفكاره وآرائه إلى مستوى إفهام القطيع العام، والتظاهر - شكلا لا حقيقة - بأنه واحد منه.

وإذا كان هذا هو مسلك ذلك الرجل الذائع الذكر إزاء المستر ونكل، فلا يصعب علينا أن نتصور مدى الدهشة البالغة التي ارتسمت على وجه ذلك السيد حين وجد يوما، وهو جالس وحده في قاعة الإفطار، الباب قد فتح بعجلة، ثم أغلق بمثلها، على دخول المستر بت، وهو يمشي متسللا إليه في جلال، ويلقى جانبا يد ونكل المبسوطة لتحيته، ويصرف بأسنانه، كأنما يحاول أن يخفف من حدة القول الذي يوشك أن يقوله، ويصيح به قائلا في صوت كالمنشار: «أيها الثعبان!»

وصاح المستر ونكل، وهو ينهض من مقعده: «سيدي!»

وعاد المستر بت وهو يرفع من صوته، ثم يغض منه: «ثعبان يا سيدي! قلت: ثعبانا يا سيدي، فلتفسر قولي كما شئت.»

وإذا أنت افترقت عن رجل في الثانية بعد نصف الليل على محض المودة، ثم جاءك في التاسعة والنصف من الصباح، وحياك بقوله لك: «إنك لثعبان»، فمن المعقول أن تستنتج من ذلك أن شيئا غير سار قد حدث في تلك الفترة، وهذا هو ما اعتقده المستر ونكل، وفكر فعلا فيه، فرد على نظرة المستر بت الجلمود القاسية بمثلها، وأخذ امتثالا لطلبه يفسر كلمة «الثعبان» كما يشاء، ولكنه لم يصل من التفسير إلى شيء إطلاقا؛ ولهذا مضى بعد صمت عميق استغرق بضع دقائق يقول : «ثعبان يا سيدي! ... ثعبان! ... يا مستر بت، ماذا يمكن أن تعني بهذا يا سيدي؟ هذا عبث!»

وصاح المستر بت بحركة من يده تنم عن رغبة شديدة في قذف رأس ضيفه بإناء الشاي المعدني الموضوع أمامه: «عبث يا سيدي! ... عبث! ... ولكن كلا ... سأظل هادئا ... سأظل هادئا يا سيدي.» وللتدليل على هدوئه راح يتهالك على مقعد، والزبد يخرج من فمه.

وتدخل المستر ونكل قائلا: «سيدي العزيز!»

وأجاب بت: «أتدعوني سيدي العزيز؟ كيف تجرؤ على مخاطبتي بقولك سيدي العزيز؟ وكيف تجرؤ على النظر إلي شذرا، والتفوه بهذا القول يا سيدي؟»

Bog aan la aqoon