245

Xusuus-qorka Pickwick

مذكرات بكوك

Noocyada

وانقضى النهار، وآذن المساء، وجاء سام ولر قبيل العاشرة ينبئ سيده أن المستر جنجل وجوب خرجا معا، وأنهما قد حزما أمتعتهما، وطلبا إعداد مركبة، وبدا أن الخطة أخذت تسير في دور التنفيذ كما قال المستر تروتر.

وبلغت الساعة العاشرة والنصف، وهو الموعد الذي اتفق على خروج المستر بكوك فيه لتنفيذ مهمته الدقيقة، وعرض عليه سام أن يرتدي معطفه الكبير، ولكنه لم يستجب لإلحاحه؛ حتى لا يعوقه عائق عن تسلق الجدار، وخرج يتبعه خادمه.

وكانت الليلة قمراء، ولكن ضياء القمر كان محتجبا خلف السحب، والليل صاف بديع، ولكن الظلام كان شديدا على غير المألوف، وقد غمرت الحلكة الدروب والسياج والحقول والدور، ولفتها جميعا في ظلل من فوقها ظلل، وكان الجو حارا يرهق الأنفاس، وبرق الصيف يرعش خافتا على حافة الأفق، وكان هو المشهد الوحيد الذي يتباين والوجوم البليد الذي يغمر كل شيء فيه، ولم يكن ثمة صوت ولا جرس، إلا صدى عواء كلب مستيقظ مسهد في حراسة بيت بعيد.

واهتديا إلى المبنى المنشود، وقرأ اللوح النحاسي، وسارا حول الجدار، ووقفا عند ذلك الجزء منه الذي يفصل بينهما وبين الحديقة من الخلف.

وقال المستر بكوك: «أما أنت، فتعود يا سام إلى الفندق بعد أن تعاونني على التسلق.» - «أمرك يا سيدي.» - «وتظل ساهرا حتى أعود.» - «بكل تأكيد يا سيدي.» - «خذ برجلي، وحين تسمعني أقول «فوق» فارفعني برفق.» - «سأفعل يا سيدي.»

ولما انتهى المستر بكوك من هذه المقدمات أمسك بقمة الجدار، وأعطى الأمر «فوق»، فنفذه سام بالحرف، وسواء كان جسم المستر بكوك قد شارك إلى حد ما عقله في مرونته، أو كانت فكرة المستر ولر عن «الدفع برفق» لم تخل نوعا ما من الخشونة، وتختلف قليلا مع الوصف الذي وصفه به المستر بكوك، فإن التأثير المباشر للمساعدة التي قدمها هو «تطويح» ذلك الرجل الخالد من فوق الجدار بجملته إلى الأرض المنبسطة وراءه، حيث حطم في نزلته السريعة ثلاث شجيرات من التوت، وشجرة ورد، وهو يسقط بطوله كله فوق الثرى آخر الأمر.

وقال سام في همس ظاهر، بعد أن أفاق من الدهشة التي تولته على أثر اختفاء سيده عن ناظره: «أرجو يا سيدي ألا تكون قد أصبت نفسك بأذى.»

وأجاب المستر بكوك من الجانب الآخر للجدار: «لم أصب نفسي بأذى يا سام طبعا، ولكني أعتقد أنك أنت الذي فعلتها.»

وقال سام: «أملي أن لا أكون يا سيدي.»

ونهض المستر بكوك من «الوقعة» وقال: «لا عليك لم يحدث غير بضعة خدوش، هيا انصرف وإلا سمعوا أصواتنا.» - «إلى اللقاء يا سيدي.» - «إلى اللقاء.»

Bog aan la aqoon