وقال المحضر: أنت حتفتح ولا آجي أحجز عليك بكرة؟
وقال الموظف: ماهيتي راحت في الحتة دي، حقي برقبتي يا عم.
وقال الأونطجي بهدوئه المعهود: هدوا أخلاقكم يا سيادنا، دلوقت يفتح ونشم.
وسألني من كان بجانبي قائلا : ما معكش شمة يا أسطى لغاية ما يفتح؟
فتبسمت، ونظرت إليه ثم قلت: شمة إيه يا بيه، إحنا لاقيين ناكل لما نشم!
وأخيرا أخذنا الجرامين من الغفير، من يده الكريمة، وأمام الشرطي، والبيع مستمر بهذه الطريقة ليلا ونهارا بطريقة منتظمة، وفي أعظم أحياء القاهرة، وأين المحافظة؟ أين الحكمدار؟ أين قسم عابدين؟
يقينا إنه ليخيل إلي بعد تكرار هذه الزيارات الليلية أن شرطي النقطة وغفير «الدرك» يتلقى كلاهما الأمر «ممن له الأمر» بعدم التعرض لهذا المكان الموبوء؛ لأنه مقدس.
لقد كانت المحاورة لذيذة، والشارع ساكن، لا تسمع فيه إلا مزيكة جندي البوليس بعيدا عنا، لا يشرف إلا إذا سارت المركبة؛ ليرى فاتورة البيع، كمراقب لا متطلع.
هذا قليل من كثير من حوادث ذلك الداء القتال الذي نقلته إلينا مدنية أوروبا، ولو اتخذت المحافظة طرقا جدية لمعاقبة أولئك الذين أسميهم «بياعين الموت» لتمكنت من الضرب على أيدي هؤلاء القتلة الذين هم بمثابة عشماوي لهذه الأمة المسكينة.
لقد كان عيسى يا قسم عابدين نبيا يحيي الموتى، أما عيسى اليوم فيميت الأحياء، والحدق يفهم، والزعل ممنوع، ورزقي ورزقكم على الله، وأنا لا أزال العبد الخاضع.
Bog aan la aqoon