خطاب الوزارة «إشارة إلى خطاب عزتكم المؤرخ 29 ديسمبر سنة 1932 الذي قدمتم معه للوزارة كتابكم «عصر إسماعيل» في جزأين للنظر في تقريره أسوة بالأجزاء السابق تقريرها من كتابكم «تاريخ الحركة القومية»، نفيد عزتكم أن الوزارة قد فحصت عن كتاب «عصر إسماعيل» فوجدت به من المآخذ ما يحول دون إيداعه مكتبات مدارس الوزارة.»
وأرفقت الوزارة بخطابها صورة التقرير الذي قدمته إليها «لجنة فحص الكتب التاريخية لمكتبات المدارس» عن الكتاب، وهذا نصه:
التقرير «عملا بخطاب الوزارة رقم 952 بتاريخ 21 يناير سنة 1933 اطلعنا على هذا الكتاب بجزأيه، وقد وجدنا به كثيرا من المعلومات والأبحاث النافعة في فترة حكم الخديو إسماعيل، ولكنا نأخذ على المؤلف أنه شوه الأغراض التي من أجلها عقد إسماعيل قروضه بأجمعها تشويها شاملا، ونظر إلى جميع أعماله في هذا الصدد بمنظار أسود، والأدلة على ذلك كثيرة نورد منها ما يأتي: (1)
أنه أقر مؤلف «تاريخ مصر المالي» على أن «إسماعيل سار سيرة بذخ وإسراف»، راجع ص31 جزء ثان. (2)
ذكر أن القروض التي اقترضها الخديو إسماعيل حتى سنة 1866 «ضاعت فيما لا ينفع البلاد؛ لأن تغيير نظام توارث العرش مسألة شخصية لإسماعيل، وكذلك شراء أملاك أخيه وعمه، فكأن إسماعيل اقترض هذه الديون لكي تتسع أملاكه وتحقيقا لأطماع شخصية وإرضاء لحزازات عائلية لا شأن للبلاد فيها»، راجع ص35 جزء ثان. (3)
ذكر المؤلف في عرض الكلام عن إسماعيل المفتش أنه «قلد مولاه في عيشة البذخ والإسراف والاستكثار من القصور والأملاك والجواري والحظايا.» ص37 جزء ثان. (4)
في الكلام عن بعض حفلات الخديو إسماعيل ذكر المؤلف ما يأتي: «فكان الخديو في هذا الموقف شبيها ببعض الذوات والأعيان في الاستدانة للإنفاق على إقامة الحفلات والولائم والظهور بمظهر الفخفخة والبذخ.» ص39 جزء ثان. (5)
قال المؤلف: «إن إسراف إسماعيل هو الباعث الأكبر على مأساة القروض ... إن الجانب السيئ من شخصية إسماعيل هو إسرافه وإنفاقه الأموال من غير حساب أو نظر في العواقب، وهو بلا مراء مضرب الأمثال في هذا الصدد؛ فقد كان متلافا للمال، وظهر هذا العيب في حياته العامة وحياته الخاصة، ظهر في بناء قصوره وتأثيثها وتجميلها، كما ظهر في حياته الخاصة، في حفلاته وأفراحه، ومراقصه ورحلاته وسياحاته، وأهوائه وملذاته.» راجع ص53 جزء ثان.
لهذه الأسباب لا نوافق على إيداع هذا الكتاب بمكتبات مدارس الوزارة.»
وقد انتقد معظم الصحف مسلك الوزارة حيال الكتاب، وكان أكثرها اعتدالا في النقد صحيفة «البلاغ» فقد كتبت بعددها الصادر في 24 مايو سنة 1933 ما يأتي: «والذي نقوله نحن هو أن وزارة المعارف تدل بذلك على رغبتها في أن تتحكم في بحوث المؤرخين بحيث إذا لم يكتبوا التاريخ على هواها أقصتهم من حظيرتها. وكتاب «عصر إسماعيل» لم يشتمل فقط على هذه المآخذ التي أخذها على إسماعيل، بل هو يشتمل على مآثر له يكفي أن يكون منها ما كتبه في فتحه السودان وفي اهتمامه بإرسال البعثات العلمية إليه؛ ليشهد كل منصف أن الأستاذ عبد الرحمن الرافعي كتب كتابه وهو منساق فيه بما يهديه البحث إلى أنه الحقيقة. والغريب في عمل وزارة المعارف هذا أنها تعلم أن في مكتبات مدارسها كتبا تحتوي على أحكام قاسية على عهد إسماعيل - منها كتاب «مصر الحديثة» للورد كرومر - ومع ذلك لم تفكر في إقصائها من مكتباتها.»
Bog aan la aqoon