عام بأكمله قضيته دون أن أجد قرشا واحدا، في حين أنني أملك في البنك آلاف الجنيهات!
أما ثالثة الأثافي، ولا مانع من الاعتراف بأنني أستعمل هذا الاصطلاح غصبا عن عين زميلي بديع خيري، ورغم معارضته، لأنه يدعي أن مافيش حاجة في الدنيا اسمها «ثالثة الأثافي»، وأنه لا يفهم لها معنى، ومع أنني أوافقه على أنني أنا أيضا لا أفهم لها معنى إلا أنني برضه أستعملها لأني سمعتها من أحد الفضلاء المبجلين أعضاء بسلامته المجمع اللغوي!
أقول إن ثالثة الأثافي «واللي يزعل يشرب من الزير»، أنني صدمت صدمة نفسانية قاصمة، لا تقاس بجانبها الصدمات المادية مهما اشتدت. صدمة جاءت في الصميم، فضعضعت حواسي، وأسلمتني إلى اضطرابات عصبية قاسية كنت في أثنائها في حاجة إلى من يواسيني ... ولكن أين لي أن أجده؟
لست أريد التوسع في شرح تلك الصدمة مكتفيا بهذه الإشارة الموجزة حتى لا أسيء إلى أحد.
هجر شخصية كشكش
قلت إنني قبلت شروط الشريكين ديمو كنجس والحاج مصطفى حفني، ورضيت أن أعمل في «برنتانيا» في فترات متقطعة ، فأعددت رواية «البرنسيس» مع زميلي بديع، وقد كانت أول محاولة حقيقية لنوع الكوميدي في مصر، وإن كانت أشربت ببعض نواحي «الأوبريت».
وفي هذه الرواية - وللمرة الأولى - خرجت عن شخصية كشكش، وظهرت في دور آلاتي بائس يعزف على القانون اسمه «المعلم حسنين»، كما ظهرت بديعة في دور «عيوشة».
ونجحت الرواية كما كان مقدرا لها، وتوطد مركز بطلتها بديعة في عالم التمثيل. ولولا أن الرواية كانت تعرض في فترات متقطعة لواصلت نجاحها يوميا، ولآتت أكلها كما كنا نبغي. ولكن آه! ثم آه! ... من الحاج حفني. ومن أجواقه التي كانت كأجواق «أبو حجاب»، الذي يقولون إنه لا ودى ولا جاب!!
وبعد رواية «البرنسيس» أخرجنا رواية «الفلوس»، ثم رواية «لو كنت ملك» ثم «مجلس الأنس».
وفي هذه الأيام، كنا كالأيتام في مأدبة اللئام، إذ لم يكن لنا - كما شرحت - مسرح ثابت نعمل فيه، كما أن الدرام قد طغى على مصر فاشتهر فيها اسم «مسرح رمسيس»، وعمل عميده يوسف وهبي ومخرجه عزيز عيد، على ترجمة أحسن منتجات الغرب الأدبية، وعرضها على الجمهور في ثوب قشيب ومظهر خلاب، لفت هذا النوع أنظار الناس قاطبة، فتهافتوا على مشاهدته، وولوا وجوههم شطره، وتركنا نتابع سيرنا الأعرج تحت رحمة الحاج مصطفى حفني، وفي ظل رضائه عنا حينا وغضبه علينا أحيانا، فكانت محاولاتنا الكوميدية تنجح في محيطها المحدود، ولكن لم يكن لها مثل ذلك الدوي الذي كان يتمتع به الدرام إذ ذاك.
Bog aan la aqoon