Xusuus-qorka Huda Shaarawi

Huda Shacrawi d. 1367 AH
86

Xusuus-qorka Huda Shaarawi

مذكرات هدى شعراوي

Noocyada

أصدرت الجمعية هذا القرار بالإجماع في جلسة تاريخية عقدتها في 9 مارس 1920 في منزل سعد زغلول باشا وكيلها المنتخب ورئيس الوفد المصري، فكان عملها هذا خير تاج توجت به الوحدة القومية المقدسة التي تجلت في إجماع الأمة المصرية على التمسك بالاستقلال التام، وأسمى مظهر للروح الدستورية المتأصلة في صدر أمة عقدت نيتها على ألا تساد، وأجمعت كلمتها على أن تتولى هي جميع أمورها، كما كان أجل مثال للجرأة السياسية المنبعثة عن عقيدة وطنية ثابتة لا تحفل بتهديد القوة ولا تطأطئ الرأس للباطل مهما ارتدى ثياب البأس والجبروت.

كان هذا العمل الجليل خليقا بألا يروق للإنجليز الذين لا يروموننا إلا على الذل والاستكانة لحكمهم، فأثار سخطهم وحملهم على الاجتراء مرة أخرى على حريتنا بنوع جديد من العدوان، وهو جعل اجتماع الهيئات النيابية المصرية أو أعضائها جريمة تستوجب محاكمة أولئك الأعضاء أمام المحاكم العسكرية الإنجليزية، وذلك ليسكتوا صوت النواب وهو أحق الأصوات بالسماع؛ لأنه من صوت الشعب وصوت الشعب من صوت الله، فكان هذا الاعتداء حلقة جديدة اقترفها الإنجليز في سبيل حمايتنا رغم أنوفنا، وبرهانا آخر على أن إنجلترا لا تحترم الحرية، فإن تغنت بذكرها فما ذلك إلا للتغرير بالعالم وذر الرماد في عيون الشعوب.

وها هي جميع تصرفاتها إزاء الحركة المصرية السليمة من بدايتها إلى الآن لا تنطوي إلا على حكم القهر والإرهاب والاعتداء على حرية الكتابة والعدل والاجتماع وهي أركان الحياة الحرة.

فالمظاهرات السلمية من جانب شبيبة الأمة وطلبتها تقابل برصاص البنادق والمدافع الرشاشة. ومظاهرات السيدات تقاوم بأسنة السيوف، وضروب العنف والامتهان. ومجرد النداء بحياة الوطن والاستقلال يلقي بصاحبه في أعماق السجون، بل يؤدي به إلى الأشغال الشاقة، والجهر بالحق في صحيفة يستنزل عليها الحكم بالتعطيل وعلى مطبعتها بالإقفال. والاجتماعات تمنع بالقوة القهرية.

والمدائن الكبرى تعاقب على المظاهرة التي تقوم بها بحرمان جميع السكان من حرية الرواح والمجيء وإرغامهم على لزوم منازلهم بعد غروب الشمس.

أما القرى فإن القصاص الذي ينزل بأهلها تشيب لهوله الولدان.

فهم يرغموننا على الاستعباد بدعوى أنهم يريدون أن يؤهلونا للحرية، وقد تناسوا حكمة مؤرخهم «ماكولي»؛ حيث قال: إذا انتظر الناس الحرية إلى أن يكتسبوا الحكمة والصلاح وهم في ظل حكم الاستبداد، فبشرهم أنهم سينتظرون أبدا!

تلك وسائل التضييق والعنف والإرهاب التي يلجأ إليها خصومنا لإطفاء جذوة وطنيتنا وتحويلنا ولو قيد شعرة عن موقفنا الشريف ومطلبنا المقدس فلا تعود عليهم إلا بالخزي ولا تزيد باطلهم إلا وضوحا، في حين أن حقنا يزداد تأييدا يوما فيوما في نظر جميع شعوب العالم، وصفوفنا تزداد تساندا في جهادها السلمي ضد هذا الخصم المغتصب فبالأمس كانوا يدعون أن حركتنا الوطنية مقصورة على بعض المهيجين السياسيين والطلبة. أما اليوم فلا سبيل لهم إلى هذه المغالطة بعد أن أعلنت جميع طبقات الأمة إرادتها إعلانا لا يقبل التأويل، فنادى بالاستقلال أعيان الأمة وعمالها، موظفوها وفلاحوها، علماؤها وأمراؤها، مسلموها وأقباطها، رجالها ونساؤها، ورددوا ذلك النداء في كل الظروف وأيدوه بالمقاطعة التامة لتلك اللجنة التي جاءت لتأكيد الحماية الباطلة وإغراء المصريين على التخلي عن استقلالهم.

فلجنة الوفد للسيدات تحتج اليوم على هذا الاعتداء الجديد الذي اقترفه الإنجليز على حرية النواب المصريين وتسجله عليهم سيئة من أفظع سيئاتهم ضد الشعب المصري.

ولقد حقت عليهم كلمة «جرون» الكاتب الفرنسي الكبير؛ حيث قال: إن الذي لا يريد لخصومه ما يريده لنفسه من الحرية، غير جدير بالحرية.

Bog aan la aqoon