فهل تعجبون أيها السادة أن تحتج مصر على ذلك، وهل تعجبون أن يداخلها الريب والشك، وهل لا تكون محقة إذا صممت على عدم المفاوضة معكم؟ إن مبادئكم الإنجليزية تقدم الجواب على هذه الأسئلة.
فبالإضافة عن الأمهات والأخوات والبنات المصريات، نخبركم أن هناك واحدا من أمرين لحل المسألة المصرية. فإنجلترا إما أن تحافظ على سمعتها وشرفها فتكسب احترامنا وصداقتنا، وبعبارة أخرى تقوم بتنفيذ وعودها التي أمضت عليها فتقرر في الحال محو الحماية وإبطالها وتعلن استقلال مصر. فإن فعلت ذلك كانت الصديقة لنا والمحسنة إلينا ... وكانت كل شيء في نظرنا لا يناقض استقلالنا، فسيكون لها المساعدة العظيمة في تقدم مصر الأدبي حتى يصل أبناء الفراعنة إلى درجات الرقي التي كان فيها أجدادهم. ألا نستحق هذه التجربة.
أما الحل الثاني لهذه المسألة، وهو حل سيئ، هو أن يحمل إنجلترا الطمع وحب المكسب المادي فتسحق شعور نفسها بالشرف والواجب، وتستولي على مصر بالتدريج وبالقوة، فإذا تظلم المصريون قابلتهم بنار البنادق كما حصل ... إن لإنجلترا قوة كافية من الجيش والأسطول والطيارات، ولكننا سنحتج ونتظلم وسنحارب بلا سلاح حتى تروى أرض أبنائنا بدمائنا، فنموت موتة السعداء.
وإن تاريخنا في زمن الرومان وما بعده يؤيد ما سبق من العبارات. لا تنسوا أيها السادة المحترمون المئة ألف شهيد في زمن ديوكليشن ... ونرجو لكم أن تنظروا إلى المصريين في ذلك العهد بأنهم هم آباء المصريين الحاليين والدم فيهم واحد.
وإننا نستميح العذر في الكلام بهذه الصراحة، فإن الأولى يكون الإنسان صريحا لا سيما في زمن سئمت فيه الدنيا من طريقة المحاولات القديمة، وبعد هذه الحرب العظيمة لا يمكن لشيء أن يبقى سوى الحرية والعدل والصدق. سترفع الفضيلة رأسها على مر الزمن، ويخيل لنا أن إنجلترا ستكون أكبر العاملين على ذلك.
عن سيدات مصر
هدى شعراوي
الفصل الثامن عشر
منذ تشكلت لجنة الوفد المركزية للسيدات، بدأنا مرحلة من الجهاد المنظم والمنتظم، وكانت اللجنة تنعقد باستمرار للنظر في مجريات الأحداث التي تمر بها البلاد، وكانت أعضاء اللجنة حريصات على بذل الجهود المضنية في سبيل الوطن، وإنني أذكر بهذه المناسبة أنه ما من طارئ حل إلا واشتركت اللجنة في بحثه وعلاجه.
وقد انعقدت الجلسة الأولى للجنة يوم 16 يناير 1920 وكان الغرض من هذا الاجتماع هو انتخاب الرئيسة والوكيلة وأمينة الصندوق والسكرتيرة بطريقة الاقتراع السري، وقد عقد هذا الاجتماع بسراي المرحوم عمر باشا سلطان، ولم أحضره نظرا لوجودي بالأقصر في ذلك الوقت. وتقرر في هذا الاجتماع تعيين كل من السيدات: هدى شعراوي رئيسة، أستر فهمي ويصا وكيلة، روجينة خياط أمينة صندوق، الآنسة فكرية حسني سكرتيرة.
Bog aan la aqoon