Mudhakkira Fiqh
مذكرة فقه
Tifaftire
صلاح الدين محمود السعيد
Daabacaha
دار الغد الجديد
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1328 AH
Goobta Daabacaadda
مصر
Noocyada
وحالاً يكون قلتين فأكثر، وهو الكثير.
فإن كان الماء قليلاً فإنه ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة له، وإن لم يتغير. وعلى هذا فلو سقطت نقطة من البول قليلة جدًا لا يدركها الطرف على قليل الماء فإنه ينجس تغير أم لم يتغير، وإذا كان الماء كثيرًا فإنه لا ينجس إلا بالتغير.
هذا التفصيل دل عليه قوله ﷺ: ((إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث)) وفي لفظ ((لم ينجس))(١) يدل على ذلك أنه إذا لم يبلغ قلتين؛ فإنه ينجس.
وهذا الحديث أجاب عليه الذين يقولون: لا ينجس إلا بالتغير مطلقًا بـ:
١- أن الحديث ضعيف، وقد ذكر ابن القيم في تهذيب السنن حديثًا لأبي داود نحو ستة عشر وجهًا كلها تدل على ضعف هذا الحديث، وهو ((إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس)) ومعلوم أن الحدیث إذا كان ضعيفًا فليس بحجة.
٢- على تقدير صحة هذا الحديث وعلى أن الرسول ﷺ قاله؛ فإنه لا يعارض ما قلناه؛ لأن الحديث له منطوقٌ.
ما هو منطوقه؟
منطوقه: إن الماء إذا بلغ قلتين لم ينجس وإذا كان (أقل) منها؛ فإنه ينجس دلالة على نجاسة ما دون القلتين دلالة بالمفهوم، ودلالة طهارة ما دون القلتين إذا لم يتغير ((الماء طهور لا ينجسه شيء)) دلالة منطوق ، وعند أهل العلم الأصوليين يقولون: إن دلالة المنطوق مقدمة على دلالة المفهوم وعلى هذا يكون عموم الحديث: ((الماء طهور لا ينجسه شيء)) مقدم على مفهوم ((إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس)) وهذا من المرجحات.
وهناك دليل عقلي نظري يرجح الحديث: ((الماء طهور لا ينجسه شيء)) وهو لماذا نحن حكمنا أن الماء إذا تغير بالنجاسة صار نجسًا؟
لوجود العلة، وهو الخبث صار خبيئًا بسبب ما اكتسب من أوصاف الخبث نطبق هذه العلة على ما دون القلتين، فما دون القلتين إذا أصابته النجاسة فلم تغير منه شيئًا والحكم يدور مع علته وجوداً وعدمًا.
(١) صحيح: رواه الترمذي (٦٧) وأبو داود (٦٣) والنسائي (٥٢، ٣٢٨) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وصححه العلامة الألباني في صحيح أبي داود (٥٦، ٥٨).
32