لئن أيامُنا أمست طوالًا ... لقد كنا نعيشُ بها قِصارا
فإن قال قائل: لِمَ صارت الأسماءُ المؤنثةُ لا تجري؟
قيل له: منعتها العربُ الإجراء في المعرفة لعلتين. توجبان لها الثِّقل: إحداهما: التعريفُ، والتعريفُ يُثقِّلُ الاسم.
والعلة الأخرى: التأنيثُ. والتأنيث يُثقِّلُ الاسم.
فإن زالت إحدى العلتين جرى الاسم: كقيلك: قامت نوارُ ونوارٌ أخرى، وقعدت زينبُ وزينبٌ أخرى. لم تُجرِ زينب الأولى؛ لأنها معرفة، وأُجريت الثانية؛ لأنها نكرة.
فإن قال لِمَ صار التأنيث يُثَقِّل الاسم، ولم صارت الأسماءُ المؤنثةُ أثقلَ من المذكرة؟ قيل له: العلَّة في هذا أن العرب تُكثر استعمال أسماء الرجال وترددُها في الكُتُبِ والأنسابِ، فيقولون: فُلانُ بنُ فُلان ابنِ فلانٍ، ولا يقولون: فُلانٌ بن فُلانة بنتِ فُلان؛ لصيانتهم أسماء النساء وقلة استعمالهم لها. فلما كان ذلك كذلك كان الذي يكثرون استعمالهُ أخف على ألسنتهم من الذي يُقلون استعماله. هذا مذهبُ الفراءُ. وقال غيره: إنما صار التأنيثُ أثقل من التذكير؛ لأن التأنيثَ يُثَقِّلُ الاسم وذلك أنه مُضارع للفعل؛ وإنما ضارع الفعل لأنه ثانِ له بعدهُ؛ كما أن الفعل بعد الاسم.
1 / 114