============================================================
ايدينا -ونعي المدونة الصغرى تحديداب، تكشف عن تداخل الأبواب و تناثر المسائل. فبرغم وجود تصنيف عام للأبواب بأسمائها المعروفة في كتب الفقه، بيد أن توزيع المسائل عليها كان مشوشا إلى حد كبير إذ قد جد مسألة في الصلاة في باب المعاملات، ومسألة في التكاح في باب الجنايات. وظل الكتاب بحاجة إلى استدراك لضم المتناسب وتفريق المتباين، وهو العمل الذي قام به القطب اطفيش مؤخرا: الجانب الفقهي والأصولي في المدونة: وايا ما كان، فإن الكتاب بما احتواه من مسائل وآراء في غاية الأهمية، فهما لنصوص الشارع، واستدلالا للآراء، واعتمادا على الحوار العلمي القائم على الحجة والبرهان، قاعدته الذهبية "إن كنت ناقلا فالصحة، وإن كنت مدعيا فالدليل".
هذا الجو الفكري كان سيد الحياة العلمية في الصدر الأول للمجتمع المسلم، إذ عرف الفقهاء حوارات مفتوحة، ونقاشا علميا رصينا حول قضايا التشريع قواعد وأدوات، ومسائل ومشكلات.
وقد عرضت المدونة بوضوح آراء الإباضية وآراء غيرهم أيضا حول قضايا الساعة الي عرفها المجتمع المسلم آنذاك، وأوردت وجهات نظر هؤلاء العلماء، واختلافهم والحجج التي ساقها كل فريق لتأييد رأيه. كما تضعنت المدونة بواكير القواعد الأصولية، وأصول الاستنباط عند الإباضية.
قفي أحضان المدونة نجد المصطلحات الأصولية، ومفاهيمها لدى ائمة الاباضية الأوائل، وتحديدهم لمصطلح السنة وحجيتها، وكيفية الترتيب بين الأدلة، وطريقة إزالة التعارض بينها إذا وقع، فضلا عن القياس والرأي واجماع الصحابة والاختلاف، وغيرها مما يعد بدايات التدوين في موضوعات علم الأصول، ثم تواصل مساره، واكتمل بناؤه على أيدي 62
Bogga 64