274

Mucjiz Ahmad

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

Noocyada

Maansada
ولم يكفها تصويرها الخيل وحدها ... فصوّرت الأشياء إلاّ زمانها الهاء في يكفها راجعة إلى صناع الروم، وكذلك في تصويرها وفي وحدها إلى الخيل، وفي زمانها إلى الأشياء. يقول: لم يكفها أنها صوّرت على الثياب صور الخيل، حتى صورت معها كل شيء من طائر وسبع وغيرهما من الزمان، إلا الزمان فإنها لا تقدر على تصويره. وما ادّخرتها قدرةً في مصوّرٍ ... سوى أنّها ما أنطقت حيوانها تاء التأنيث الساكنة في ادخرتها راجعة إلى صناع، والهاء، إلى الثياب، وأصلها: ادخرت عنها، فحذف حرف الجر، وأوصل الفعل إلى الضمير: أي ما خبأت هذه المرأة عن هذا الثياب قدرةً عليها في مصور إلا صورت على هذه الثياب، غير أنها لا تقدر على إنطاق الحيوان المصور عليها، إذا لو قدرت على ذلك لفعلت، والهاء في حيوانها راجعة إلى الثياب. وسمراء يستغوى الفوارس قدّها ... ويذكرها كرّاتها وطعانها وسمراء: عطف على قوله: ثياب كريم. والضمير في قدها للسمراء وفي يذكرها وكراتها وطعانها للفوارس ويستغوي: أي يستميل، ويحمله على الغي، وسمراء: صفة لمحذوف: أي وهذه فتاة سمراء، يحمل قدها واستواؤها الفوارس على ملاقات الأقران، ويسوقهم إلى الطعان. وذكر الفوارس موافق للقتال. ردينةٌ تمّت وكان نباتها ... يركّب فيها زجّها وسنانها الزج: الحديدة التي في أول الرمح، يعني أنها مستقيمة نبتت كذلك، لم تحتج إلى تثقيف مثقف، فلم يبق إلا أن يركب فيها الزج، والسنان. وأمّ عتيقٍ خاله دون عمًه ... رأى خلقها من أعجبته فعانها وهذا أيضًا عطف على ما تقدم، وأراد بالعتيق: المهر، وقوله: خاله دون عمه أي أبوه أكرم من أمه؛ لأنه إذا كان خاله دون عمه، كانت أمه دون أبيه. يقول: هذه أم مهر كريم، أمه دون أبيه في الكرم، وكانت هي حسنة الخلق فرأى خلقها من أعجبته فعانها، أي أصابها بالعين، فصار ولدها أحسن منها وأكرم. إذا سايرته باينته وبانها ... وشانته في عين البصير، وزانها يقول: إذا سارت الأم معه بانت منه، وبان منها. أي لم يشبهها في الحسن والجمال، كما يشبه المهر أمه، وشانته في عين البصير: أي أن البصير بالخيل لم ير فيه عيبًا إلا كونه من هذه الأم التي هي دونه، فهو له عيب وشين، وهذا المهر زان الأم، لأنها ولدت مهرًا كريمًا، فهو يزينها، وهي تشينه. فأين الّتي لا تأمن الخيل شرّها ... وشرّى، ولا تعطي سواي أمانها؟ يقول: هلا وهبت لي فرسًا أكرم منها؟ وهي التي لا تأمن الخيل شرها يعين أنها سابقة إذا سابقت سائر الخيل، لم تأمن شرها ولا تأمن الفرسان شري، ولا تعطى سوى أمانها: أي لا يقدر على ركوبها إلا مثلي من الفرسان الحذاق بالركوب. وأين الّتي لا ترجع الرّمح خائبًا ... إذا خفضت يسرى يديّ عنانها يقول: هلا وهبت لي الفرس التي إذا رخيت عنانها بيدي اليسرى وجلت عليها لا أرجع خائبًا، ولا ترد رمحي من دون قتل العدو. ومالي ثناءٌ لا أراك مكانه ... فهل لك نعمى لا تراني مكانها؟ يقول: ليس عندي ثناء لا أراك مستحقًا له، فهل عندك نعمة لا تراني أهلًا لها؟ يعني: كما لا أدخر عنك ثناء، فلا تدخي عني نعمة. وكان سيف الدولة إذا تأخر عنه مدحه شق عليه، وأكثر أذاه وأحضر من لا خير فيه، وتقدم إليه بالتعرض له في مجلسه بما لا يحب، فكان أبو الطيب لا يجب أحدًا عن شيء، فيزيد ذلك في إنكاء سيف الدولة، ويتمادى أبو الطيب في ترك قول الشعر، ويلح سيف الدولة فيما يستعمله من هذا القبيح وأكثر عليه مرة بعد أخرى فقال أبو الطيب هذه القصيدة وأنشده إياها في محفل من العرب والعجم. واحرّ قلباه ممّن قلبه شبم ... ومن بجسمي وحالي عنده سقم وأحر قلباه: ندبة وهذه الهاء لا تدخل عند أهل البصرة إلا في الوقف، فإذا وصلت حذفت. وأجاز الفراء دخولها في حال الوصل، وأنشد فيه أبياتًا، وإذا كان كذلك، فما ذكره لا مطعن عليه، إذ جاءت عن العرب، والرواة الثقات. وحكى أبو الفتح بن جني: أن المتنبي كان ينشده بكسر الهاء وضمها، قال: والوجه إذا جاز إثبات الهاء، كسرها لالتقاء الساكنين قال: ولا أرى للضم وجهًا. قال: ولو فتحت الهاء لالتقاء الساكنين ومجاورة الألف كان قياسًا.

1 / 274