Mucjiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Noocyada
Maansada
والصدم: ضرب الشيء بمثله. وهذا قريب من قولهم: الحديد بالحديد يفلح.
أتحسب بيض الهند أصلك أصلها ... وأنّك منها؟ ساء ما تتوهّم!
يقول لسيف الدولة: إن السيوف الهند كأنها تظن أصلها أصلك، وأنك سيف مثلها؛ لما سميت باسمها وقد ساء ما توهمت، لأنك أشرف منها جوهرًا، وأمضى منها في الأمور، وإنما أشركتها في الاسم لا في الجوهر والخصال، فأنت من العرب أصلًا، وهي من الهند، وليس فيها خصالك.
إذا نحن سميّناك خلنا سيوفنا ... من التّيه في أغمادها تتبسّم
يقول: إذا سميناك تبسمت سيوفنا في غمودها عجبًا بأنك سميها، فكأنها حسبت أنك منها أصلًا ومنظرًا، وليس الأمر كذلك.
ولم نر ملكًا قطّ يدعى بدونه ... فيرضى! ولكن يجهلون وتحلم
بدونه: أي بدون قدره.
يقول: ما رأيت ملكًا يسمى بدون قدره ويرضى بذلك غيرك! فإنك لقبت بسيف الدولة فرضيت به لحلمك، وهو لا يرضون لجهلهم.
أخذت على الأرواح كلّ ثنيّةٍ ... من العيش تعطى من تشاء وتحرم
الثنية: العقبة.
يقول: حكمت بين الأرواح وبين العيش، فكأنك قعدت على طريق الحياة، فمن شئت خليت سبيل حياته، ومن شئت صرفتها عنه. يعني أنك قد استوليت على أرواح العباد، فمن أغثته يبقى، ومن لم تغثه يهلك..
فلا موت من سنانك يتّقى ... ولا رزق إلاّ من يمينك يقسم
يقول: إن آجال الخلق في سنانك، وأرزاقهم في يدك، فلا موت يتقى إلا من سنانك، ولا رزق يقسم إلا من يمينك.
وضربت خيمة كبيرة لسيف الدولة بميا فارقين، وأشاع الناس أن المقام يتصل، فهبت ريح شديدة فسقطت الخيمة فأرجف بذلك وتطير وتحدث الناس فيه، وتكلموا عند سقوطها فقال أبو الطيب رحمه الله تعالى. يمدحه ويذكر الخيمة:
أينفع في الخيمة العذّل؟ ... وتشمل من دهرها يشمل
العذل: جمع العاذل.
يقول: عذل الخيمة على سقوطها غير نافع، لأنها لا تقدر أن تشمل سيف الدولة مع اشتماله على الدهر، وإحاطته به ودهرها نصب بيشمل ومن كناية سيف الدولة، وهو بمعنى الذي وهو نصب بيشمل.
وتعلوا الّذي زحلٌ تحته ... محالٌ لعمرك ما تسأل
وتعلو: فعل الخيمة: والذي: في موضع نصب، لأنه مفعول تعلو.
يقول: كيف تعلو الخيمة سيف الدولة؟ مع كون زحل تحته! وما تسأل الخيمة من العلو عليه أمر محال.
فلم لا تلوم الّذي لامها؟ ... وما فصّ خاتمه يذبل
التاء في تلوم للخيمة. وقيل: للخطاب. وما في قوله: وما فص خاتمه. للنفي بمعنى وليس. ويذبل: جبل.
يقول: من لامها على سقوطها فقد سامها أمرًا محالًا، فلها أن تقابله بما هو محال مثله. فتقول: لم لم تجعل فص خاتمه يذبلا؟ الذي هو الجبل، فكما أن هذا محال، فكذلك استقرارها فوق سيف الدولة محال، والهاء في خاتمه تعود إلى الذي.
تضيق بشخصك أرجاؤها ... ويركض في الواحد الجحفل
الأرجاء: النواحي، الواحد رجًا.
يقول: جوانب الخيمة، ونواحيها تضيق عن شخصك؛ والواحد من الجوانب - لسعته - لو ركض فيه جيش عظيم لما ضاق عنه. يعني أنها على سعتها تضيق عنك! وقيل: أراد بالواحد: الواحد من الخيام: يعني أن الواحد من الخيام يركض فيه العسكر الكثير، لعظمه وسعته، إلا أنه تضيق عن شخصك نواحيها.
وتقصر ما كنت في جوفها ... وتركز فيها القنا الذّبّل
يقول: إنها وإن كانت عالية السمك بحيث يمكن أن يركز فيها الرمح، ولكنها تقصر عنك، في الوقت الذي تكون فيها؛ لأنك أعلى من النجم، وأرفع من السماء.
وكيف تقوم على راحةٍ؟ ... كأن البحار لها أنمل!
يقول: كيف تستقر الخيمة على راحتك؟ فكل أنملة منها مثل البحر، فلا يستقر البناء على الماء. وإن قل، فضلًا عن البحار.
فليت وقارك فرّقته ... وحمّلت أرضك ما تحمل
الوقار: السكون. والتاء في تحمل قيل: للأرض: ومعناه ليتك قسمت وقارك على جميع الخلق، وحملت الأرض من الوقار ما يمكنها أن تحمله؛ لأنها لا تستطيع أن تحمل جميع وقارك.
وقيل: التاء للخطاب ومعناه: ليتك حملت الأرض ما تحمل أنت من الوقار. ولو فرقت وقارك على جميع الخلق لوصل إلى هذه الخيمة جزء منه وأمكنها بذلك القدر من الوقار السكون والاستقرار.
فصار الأنام به سادةً ... وسدتهم بالّذي يفضل
1 / 250