Mucjiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Noocyada
Maansada
يضمه المسك ضم المستهام به ... حتى يصير على الأعكان أعكانا
الأعكان: جمع العكن، وهو ما يتكسر في أسفل البطن من الشحم والسمن.
يقول: إن المسك يعبق بجسمها، ويضمه كأنه عاشق له، ويلصق به. كما ينضم العاشق إلى المعشوق، حتى يصير المسك أعكانًا فوق أعكانها.
قد كنت أشفق من دمعي على بصري ... فاليوم كل عزيزٍ بعدكم هانا
يقول: كنت قبل الفراق أمسك عن البكاء؛ خوفًا على بصري أن يصبه دمعي، فاليوم لما نأيتم طال بكائي وهان علي كل عزيز!
تهدي البوارق أخلاف المياه لكم ... وللمحب من التذكار نيرانا
البوارق: السحائب ذات البرق. وعنى بالمحب نفسه.
يقول: إن السحائب ذوت البروق، تهدي إليكم فروع المياه، وأهدت إلي نار الشوق، عند تذكري إياكم.
يعني: أني إذا رأيتها تذكرت عهدي معكم، فألهبت في أحشائي نار الشوق إليكم، فجعلت السحائب المطر لكم والبرق لي. والأخلاف: جمع خلف، وهو للناقة بمنزلة الثدي للمرأة.
إذا قدمت على الأهوال شيعني ... قلبٌ إذا شئت أن يسلاكم خانا
السلو، والسلوة، والسلوان: طيب النفس عن المفقود.
يقول: إذا أردت الإقدام على الأمور الهائلة، فإن قلبي يشيعني على كل هول، إلا الصبر عنكم، فإن قلبي لا يشيعني على ذلك، بل يخونني ويخالفني؛ لأن ذلك أعظم من كل هول.
أبدو فسيجد من بالسوء يذكرني ... ولا أعاتبه صفحًا وإهوانا
إهوانًا: جاء به على الأصل في الصحيح للضرورة. والاستعمال في القياس: إهانة. ونصبه: صفحًا على المفعول له، وقيل: على المصدر، بفعل مضمر. أي: أصفح عنه صفحًا، وأهينه إهوانًا، ولا أعاتبه. دليل على المحذوف.
يقول: إذا ظهرت فإن من يذكرني بسوءٍ في حال الغيبة يسجد لي هيبةً مني، ولا أعاتبه على ما يذكرني به من السوء صفحًا. وإهانة. ومثله لجميل:
إذا أبصروني طالعًا من ثنية ... يقولون: من هذا؟ وقد عرفوني
وهكذا كنت في أهلي وفي وطني ... إن النفيس غريبٌ حيثما كانا
يقول: هكذا كنت بين أهلي ووطني، لم أخل من حاسد يحسدني على فضلي، ويذكرني بسوءٍ من ورائين، فإذا ما ظهرت له يسجد لي والشريف حيثما كان غريب، لا يخلو من حاسدٍ ولا عاتب، فكنت أبدًا غريبًا بهذا الوجه؛ لأني لم أجد من يشاكلني ويوافقني.
محسد الفضل، مكذوبٌ على أثري ... ألقى الكمي ويلقاني إذا حانا
يقول: لم أزل محسودًا ومكذوبًا على أثري؛ لأنه لم يمكن لأحد أن يواجهني بالسوء، ولم أزل شجاعًا ويلقاني الشجاع، إذا دنا هلاكه.
لا أشرئب إلى ما لم يفت طمعًا ... ولا أبيت على ما فات حسرانا
طمعًا: نصب على المفعول له، أو على المصدر، كما في قوله: صفحًا يقول: لا أمد عنقي فيما لا يصل إلي طمعًا فيه، وإن فاتني شيء لم أتحسر عليه، وكأنه أخذ هذا المعنى من قوله تعالى: " لكيلا تأسوا على ما فاتكم ".
ولا أسر بما غيري الحميد به ... ولو حملت إلي الدهر ملآنا
أي لا أسر بما آخذه من عطاء الناس؛ لأن المعطي هو المحمود به، ولو حملت أيها الإنسان إلى الدهر ملآنًا من العطاء، فإني لا أفرح به، بل إنما أسر بما أعطى غيري بما فيه من الثناء والحمد. يعني: أن رغبتي في الحمد منه في الصلة.
لا يجذبن ركابي نحوه أحدٌ ... ما دمت حيًا وما قلقلن كيرانا
قلقلن: أي حركن. والكيران: الرحل. واحده كور، وهو الرحل بأداته. والهاء في نحوه لأحد. أي لا يجذبن أحد ركابي. وما في قوله: ما دمت وما قلقلن نصب على الظرف.
يقول: لا يجذب إبلي أحد من الملوك نحوه ما دمت حيًا، ودامت الإبل تحرك رحالها. أي ما دامت تسير الإبل، أي لا أقصد أحدًا أبدًا. وروى: بعده أحد. أي لا أقصد بعد هذا الممدوح أحدًا.
لو استطعت ركبت الناس كلهم ... إلى سعيد بن عبد الله بعرانا
يقول: لو قدرت ركبت الناس كلهم، كما يركب البعير.
وقصدت عليهم هذا الممدوح، وأراد بذلك أكثر الناس؛ لأنه يقال: إن أمة من الناس يقتضي ركوبها، وقد بين أنه أراد البعض فيما يليه. والبعران: جمع بعير، ونصبه يجوز من أوجه: أحدها: المصدر الواقع موقع الحال، أي ركبتهم مثل البعران، ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
والثاني: بإضمار فعل دل عليه ركبت، أي صيرتهم بعرانًا.
1 / 156