Mucjiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Noocyada
Maansada
يقول: إن هجيت كنت نصف أعمى، وإن مدحت كنت نصف بصير، فأنت ناقص في الحالين. وأنت تعاديني؛ لأني فصيح، ولست بألكن مثلك، وتبغضني؛ لأني بصير غير أعور. وروى وتمقتنا.
فلو كنت امرءًا يهجى هجونا ... ولكن ضاق فترٌ عن مسير
الهجاء لا مجال لك فيه، كما أن الإنسان لا يمكنه أن يسير في فتر من الأرض وقال يمدح أبا عبد الله محمد بن عبد الله الخصيبي، وهو حينئذٍ يتقلد القضاء بأنطاكية:
أفاضل الناس أغراضٌ لذا الزمن ... يخلو من الهم أخلاهم من الفطن
أفاضل الناس: جمع أفضل. والأغراض: جمع الغرض، وهوا ما ينصب للرمي، كالهدف. والفطن: جمع فطنةٌ يقول: إن الفضلاء في هذا الزمان مقصودون بالشر والحوادث، كالأهداف، فمن هو أخلى من العقل والفطنة، فهو أخلاهم من الهم. ومثله لابن المعتز:
وحلاوة الدنيا لجاهلها ... ومرارة الدنيا لمن عقلا
وإنما نحن في جيلٍ سواسيةٍ ... شرٍّ على الحر من سقمٍ على بدن
الجيل: الأمة من الناس. وسواسية: جمع سواء على غير قياس. ولا يستعمل إلا في الشر.
يقول: نحن فيما بين أمة سواءٌ في الشر، ليس فيهم شريف ولا كريم، منهم أشرار، أضر على الحر من السقم على البدن.
حولي بكل مكانٍ منهم خلقٌ ... تخطي إذا جئت في استفهامها بمن
روى: خلقٌ، وهي جمع خلقة، وهي الصورة، وروى: حلقٌ: وهي جمع حلقةٌ من الناس، وروى حزق: وهي جمع حزقة، وهي الجماعة.
يقول: حولي خلق منهم في صورة الناس، وهم من جهلهم أنعام، فمن استفهم عنهم بمن فقد أخطأ؛ لأنه للناس، وينبغي أن يقول ما
لا أقتري بلدًا إلا على غرر ... ولا أمر بخلق غير مضطغن
اقتريت البلاد: إذا سريت فيها وتتبعتها بلدًا بلدًا. والغرر: الخطر، وهو ما لا يوثق منه بالسلامة. ومضطغن: أي ذو ضغينة.
يقول: لا أمر على بلد إلا وأنا مخاطرٌ بنفسي، ولا أمر بأحد إلا وهو محتقد علي وكل أحد عدوي؛ لفضلي.
ولا أعاشر من أملاكهم أحدًا ... إلا أحق بضرب الرأس من وثن
الوثن: الصنم، وهو ما عبد من الحجارة. وليس بمصور. ونصب أحق بدلًا من أحد.
يقول: ما عاشرت ملكًا من ملوك الناس إلا وجدته لا خير عنده ولا شر، فكأنه وثن، بل هو أحق وأولى بضرب الرأس من الوثن.
إني لأعذرهم مما أعنفهم ... حتى أعنف نفسي فيهم وأني
العنف: أشد اللوم. وأني: أي أفتر.
يقول: إني لا أزال ألومهم على ما فيهم من اللوم، فلما وجدتهم جهلة لا يفهمون قبلت عذرهم وصرت أعنف نفسي في لومهم.
وأراد: الملوك الذين تقدم ذكرهم سابقًا.
فقر الجهول بلا قلبٍ إلى أدب ... فقر الحمار بلا رأسٍ إلى رسن
يقول: إنهم جهال، مفتقرون إلى الأدب، وليس لهم عقول، فافتقارهم إلى الأدب بلا قلب وعقل، كافتقار الحمار من غير رأس إلى رسن يقاد به
ومدقعين بسبروتٍ صحبتهم ... عارين من حللٍ كاسين من درن
المدقع: الفقر اللاصق بالدقعاء، وهي التراب. والسبروت: الأرض التي لا نبات فيها. والدرن: الوسخ.
يقول: رب قوم صعاليك من أهالي البادية مدقعين، بفلاة قد صحبتهم، فكانوا عارين من الثياب قد علاهم الوسخ.
خراب باديةٍ غرثى بطونهم ... مكن الضباب لهم زادٌ بلا ثمن
الخراب: جمع خارب، وهو سارق الإبل خاصة، ومكن الضباب، بيضها قال الشاعر:
ومكن الضباب طعام العريب ... ولا تشتهيه نفوس العجم
وهذه صفات أهل البادية، وقوله: لهم زادٌ بلا ثمن إشارة إلى كونهم لصوصًا. وقيل إشارة إلى أنهم ليس لهم زاد إلا بيض الضب؛ لأنه لا يحتاج إلى ثمن.
يستخبرون فلا أعطيهم خبري ... وما يطيش لهم سهمٌ من الظنن
طاش السهم: إذا لم يصب الغرض. والظنن: جمع الظنة، وهي التهمة.
يقول: كنت أستر عنهم أمري، وما كانوا يظنون بي، يطلعهم على حقيقة حالي كقول الآخر:
وخبرا عن صاحبٍ لويت ... وقلت لا أدري وقد دريت
وخلةٍ في جليسٍ أتقيه بها ... كيما يرى أننا مثلان في الوهن
الخلة: الخصلة. والوهن: الضعف. أي ورب جليس أظهرت له مثل ما هو عليه من نفسي، لئلا يعلم هو من حالي، وليظن أني مثله في الضعف والجهل. ومثله لآخر:
وأنزلني ذل النوى دار غربة ... إذا شئت لاقيت امرأً لا أشاكله
1 / 145