قال البَنْدَنِيجي (١): "وأكثرُ أهلِ العِلْمِ على أنَّ الاسم الأَعْظَم هو: الله" (٢). وقال الخَطَّابي: "وأحبُّ الأقوال إليَّ: قول من ذهب إلى أَنَّهُ اسمٌ عَلَم وليسَ بِمُشْتَقٍّ" (٣).
قلتُ: وجمهورُ العُلَماء النُّحاة على أَنَّهُ مُشْتَقٌّ، واختُلِفَ في اشتِقَاقِهِ على أَقْوَال:
أحدها: من ألِهَ يألهُ؛ إذا تحيَّر، إذ القُلُوبُ تَحَارُ في عَظَمَتِهِ.
ثانيها: أن أصلهُ: "إله" وهو من يُفْزَعُ إليه في النَّوَائِبِ.
ثالثها: أنه مِن باب "التَّأَلُه" وهو التَّعَبُّد.
رابعها: أنه مِن "الوَلَه" وهو أَشَدُّ ما يكونُ مِن الشَّوْقِ؛ لأَنَّ القُلوبَ تشتاق إلى مَعْرِفَتِهِ، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٦٥].
خامسها: أنه من "الإلهية" وهي القدرة على الاختراع! ومحلُّ الخوض في ذلك كتب العربية، فلا نطول به (٤).
_________
(١) البَنْدَنيجي: نسبة إلى بندنيجين أو بندنيج، بلدة في طرف النهروان من أعمال بغداد. "معجم البلدان" (١/ ٤٩٩).
وهو الحسَن بن عبد الله البنْدنيجي أبو علي، الفقيه الشافعي، تولى القضاء ببندنيج وتوفي فيها سنة (٤٢٥ هـ). انظر: "طبقات الشافعية" للسبكي (٤/ ٣٠٥ - ٣٠٦).
(٢) ذكره المؤلف في "الإعلام" (١/ ٨٦).
(٣) "شأن الدعاء" (٣٥).
(٤) "الإعلام" (١/ ٨٨ - ٨٩).
تنبيه: الصواب هو القول الثالث، قال الشيخ العلامة سليمان آل الشيخ ﵀ في "تيسير العزيز الحميد" (١/ ١١٤): "وعلى هذا فالصحيح أنه مشتق من أَلِهَ الرَّجُلُ إذا تعبَّدَ، كما قرأ ابن عباس: (وَيَذَرَكَ وَإِلَهَتَكَ) أي: عبادَتَكَ، وأصلُهُ الإلهُ، أي: المعبود، فَحُذِفت الهمزةُ التي هي "فاء" الكلمةِ، فالتقَتِ اللام التي هي "عينُها" مع اللام التي للتعريفِ، فأُدْغِمَت إحداهُما في الأُخرى فصارَتَا في اللفظِ لامًا واحدةً مشَدَّدَةً، وفُخِّمت تعظيمًا، فقيلَ: الله".
1 / 36