Mucaawiye Ibnu Abii Sufyaan
معاوية بن أبي سفيان
Noocyada
فالغالب أن يكون على شيء من الدهاء، وإن لم يكن دهاتهم كلهم من نوع واحد عند تحليل الأعمال والصفات، ولم يكن مصدر ذلك الدهاء ملكة واحدة في العقل أو في الطباع.
لقد كانوا يطلقون الدهاء على وسيلة «غير صريحة» يبلغ بها صاحبها مأربه، وينتهي بها إلى منفعته ... فكل حيلة «غير صريحة» فهي دهاء على سواء ...
إلا أن الواقع أن الوسائل «غير الصريحة» لا تتفق في مصادرها العقلية ...
فقد يعتمد الرجل في دهائه على قدرة عقلية فائقة يتسلط بها على الناس، فيسخرهم في مطاعمه ويقودهم كما يقاد المسخر «بالتنويم المغناطيسي» لخدمته فيما يستفيدون منه أو فيما لا فائدة لهم فيه على الإطلاق ... وقد يكون فيه الضرر لهم كل الضرر وهم لا يفقهون، ويغشاهم السحر بغشاوته فلا يستمعون لما يقال لهم غير ما يقوله ذلك الداهية، أو يوحيه إلى شعورهم بغير مقال.
هذا هو الدهاء من الطراز الأول.
ويليه الدهاء الذي لا يعتمد على قدرة عقلية فائقة، ولكنه يعتمد على قدرة «مادية» يستطيع بها صاحبها قضاء المصالح والتعامل مع غيره على أساس «التبادل» في المنفعة المعروفة، التي يفهمها المتبادلون جميعا بغير حاجة إلى تغرير أو خداع أو إقناع.
رجل يملك السلطان أو المال، وأناس يحتاجون إلى سلطانه وماله، ولا يقدرون على بلوغ تلك الحاجة من غيره ... فلا هو يخدعهم ولا هم يخدعونه؛ لأنهم كلهم يعرفون ما يطلبونه ويعرفون وسيلتهم إليه، فلا خادع فيهم ولا مخدوع، وإن لم يكونوا جميعا صرحاء فيما يتوسلون به أو يتوسلون إليه.
من أي هذين الطرازين دهاء معاوية؟
أمن طراز القدرة العقلية الفائقة التي تسخر الأعوان منقادين مستسلمين مغمضي الأبصار والبصائر، أم من طراز القدرة المادية التي تعطي وتأخذ ويأملها طلاب الحاجات؛ لأنهم يعرفون ما يحتاجون إليه ولا يعرفون طريقا إلى حاجاتهم تلك غير هذه الطريق؟
بأي الدهاءين تمكن معاوية من اجتذاب عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وزياد بن أبيه، وغيرهم من الدهاة الذين سارت بدهائهم الأمثلة في صدر الإسلام؟
Bog aan la aqoon