يا نفس! إنما هذه الدنيا دار علم وبحث واختبار للمتأملين. فتأملى، يا نفس، جميع معانيها وصورها وصنعها وتشكيلاتها المحسوسة السائلة الزائلة البائدة الأعراض والأشخاص. واعلمى أنما هى مثالات الصور بالحقيقة والصور الحقية والتشكيلات الحقية الدائمة الأبدية.
وبالجملة، يا نفس، فإنه ليس فى عالم العقل نوع إلا وشكله ظاهر فى كيان جريان الطبيعة. وكذلك جميع ما هو موجود فى عالم الكون إنما هى دواع ومثالات: فلذاته الكاذبة الزائلة تدل على اللذات الصادقة الدائمة، وصوره المنحلة الزائلة السائلة الهالكة تدل على الصور الباقية الثابتة؛ وإن اختلاف جميع ما فى الحس وزواله يدل على اتفاق جميع ما فى العقل وبقائه وثباته.
Bogga 61