Mubdic Fi Sharh Muqnic
المبدع في شرح المقنع
Baare
محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1417 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
Fiqiga Xanbali
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الِاخْتِصَارِ خَوْفَ الْمَلَلِ وَالْإِضْجَارِ، وَوَسَمْتُهُ بِـ: " الْمُبْدِعِ فِي شَرْحِ الْمُقْنِعِ "، وَاللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ، وَيَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، إِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
[الْكَلَامُ عَلَى الْحَمْدِ لِلَّهِ]
قَالَ الْمُؤَلِّفُ ﵀: (الْحَمْدُ) افْتَتَحَ كِتَابَهُ بَعْدَ التَّبَرُّكِ بِالْبَسْمَلَةِ بِحَمْدِ اللَّهِ أَدَاءً لِحَقٍّ مُنْبِئٍ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ شُكْرِ نَعْمَائِهِ الَّتِي تَأْلِيفُ هَذَا الْمُخْتَصَرِ أَثَرٌ مِنْ آثَارِهَا، وَلِقَوْلِهِ ﷺ: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي " صَحِيحِهِ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁. وَمَعْنَى " ذِي بَالٍ " أَيْ: حَالٍ يُهْتَمُّ بِهِ، وَالْأَجْذَمُ، بِالْجِيمِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ الْأَقْطَعُ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ مَقْطُوعُ الْبَرَكَةِ.
وَالْحَمْدُ: هُوَ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى قَصْدِ التَّعْظِيمِ، سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِالنِّعْمَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَالشُّكْرُ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ، لِكَوْنِهِ مُنْعِمًا، سَوَاءٌ كَانَ بِاللِّسَانِ، أَوْ بِالْجَنَانِ، أَوْ بِالْأَرْكَانِ، فَمَوْرِدُ الْحَمْدِ هُوَ اللِّسَانُ وَحْدَهُ، وَمُتَعَلِّقُهُ النِّعْمَةُ وَغَيْرُهَا، وَالشُّكْرُ يَعُمُّ اللِّسَانَ وَغَيْرَهُ، وَمُتَعَلِّقُهُ النِّعْمَةُ فَقَطْ، فَالْحَمْدُ أَعَمُّ مِنَ الشُّكْرِ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقِ، وَأَخَصُّ بِاعْتِبَارِ الْمَوْرِدِ، وَعَكْسُهُ الشُّكْرُ، فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، لِأَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي مَادَّةٍ، وَهُوَ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ فِي مُقَابَلَةِ الْإِحْسَانِ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي صِدْقِ الْحَمْدِ فَقَطْ، عَلَى الْوَصْفِ بِالْعِلْمِ وَالشَّجَاعَةِ، وَصِدْقِ الشُّكْرِ فَقَطْ، عَلَى الثَّنَاءِ بِالْجَنَانِ أَوِ الْأَرْكَانِ فِي مُقَابَلَةِ الْإِحْسَانِ. وَقِيلَ: الْحَمْدُ أَعَمُّ مِنَ الشُّكْرِ، وَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ. وَنَقِيضُ الْحَمْدِ: الذَّمُّ، وَنَقِيضُ الشُّكْرِ: الْكُفْرُ. وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْعُمُومِ، أَيْ: يَسْتَحِقُّ الْمَحَامِدَ كُلَّهَا، وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِقَاقِهِ، فَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ " الْحَمَدَةِ " وَهِيَ شِدَّةُ لَهَبِ النَّارِ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: هُوَ مَقْلُوبٌ مِنَ " الْمَدْحِ " كَقَوْلِهِمْ: مَا أَطْيَبَهُ وَأَيْطَبَهُ.
(لِلَّهِ) اسْمٌ لِلذَّاتِ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ، الْمُسْتَحِقِّ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ، وَلِهَذَا لَمْ يَقُلِ: الْحَمْدُ لِلْخَالِقِ، أَوْ لِلرَّزَّاقِ مِمَّا يُوهِمُ بِاخْتِصَاصِ اسْتِحْقَاقِهِ الْحَمْدَ بِوَصْفٍ دُونَ وَصْفٍ. وَنَقَلَ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ، لِأَنَّهُ فِي سَائِرِ تَصَارِيفِهِ يَدُلُّ عَلَى الذَّاتِ الْمُقَدَّسَةِ. وَذَهَبَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُشْتَقٍّ، وَذَهَبَ آخَرُونَ وَحَكَاهُ سِيبَوَيْهِ عَنِ الْخَلِيلِ إِلَى خِلَافِهِ، فَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَلَهَ بِالْفَتْحِ " إِلَاهَةً "، أَيْ: عَبَدَ عِبَادَةً، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْعِبَادَةَ دُونَ غَيْرِهِ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: هُوَ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: أَلَهْتُ إِلَى فُلَانٍ أَيْ: سَكَنْتُ إِلَيْهِ، وَأَصْلُهُ: إِلَهٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ﴾ [الزخرف: ٨٤] فَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ، فَصَارَ " الْإِلَهُ "، ثُمَّ أُلْقِيَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ عَلَى لَامِ التَّعْرِيفِ، ثُمَّ سُكِّنَتْ، وَأُدْغِمَتْ فِي اللَّامِ الثَّانِيَةِ، فَصَارَ " اللَّهَ " بِالتَّرْقِيقِ، ثُمَّ فُخِّمَ إِجْلَالًا وَتَعْظِيمًا، فَقِيلَ: " اللَّهُ " كَذَا قَرَّرَهُ أَبُو الْبَقَاءِ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِمَا فِيهِ مِنَ التَّكَلُّفِ. وَهُوَ عَرَبِيٌّ خِلَافًا لِلْبَلْخِيِّ فِي تَعْرِيبِهِ مِنَ السُّرْيَانِيَّةِ.
(الْمَحْمُودِ) هُوَ صِفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالْأَوْلَى جَرُّهُ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ مِنَ الصِّفَاتِ. (عَلَى
1 / 14