267

Muawiyah ibn Abi Sufyan: Commander of the Faithful and Scribe of the Prophet's Revelation - Dispelling Doubts and Refuting Fabrications

معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين ﷺ كشف شبهات ورد مفتريات

Daabacaha

دار الخلفاء الراشدين - الإسكندرية،مكتبة الأصولي - دمنهور

Goobta Daabacaadda

مكتبة دار العلوم - البحيرة (مصر)

Noocyada

وقال القرطبي في شرحه لهذه الأحاديث في كتابه (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم): «وحُبُّ الأَْنْصَارِ - من حيث كانوا أنصارَ الدِّينِ ومُظهِريهِ، وباذلين أموالَهُمْ وأَنْفُسَهُمْ في إعزازِهِ وإعزازِ نبيِّه ﵌ وإعلاءِ كلمته - دلالةٌ قاطعةٌ على صِحَّةِ إيمانِ مَنْ كان كذلك، وصحَّةِ محبَّته للنبيِّ ﵌، وبُغْضُهم لذلك دلالةٌ قاطعةٌ على النفاق.
وكذلك القولُ في حُبِّ عليٍّ وبغضه ﵁ وعنهم أجمعين: فمَنْ أحبَّه لسابقته في الإسلام، وقِدَمِهِ في الإيمان، وغَنَائِهِ فيه، وذبِّه عنه وعن النبيِّ ﵌، ولمكانته منه ﵌ وقرابتِهِ ومصاهرته، وعلمِهِ وفضائله، كان ذلك منه دليلًا قاطعًا على صِحَّةِ إيمانه ويقينِهِ ومحبتِهِ للنبيِّ ﵌، ومَنْ أبغضَهُ لشيء من ذلك، كان على العكس.
قال الشيخ ﵀: «وهذا المعنَى جارٍ في أعيان الصحابة ﵃ كالخلفاء، والعَشَرة، والمهاجرين - بل وفي كُلِّ الصحابة؛ إذْ كُلُّ واحدٍ منهم له سابقةٌ وغَنَاءٌ في الدِّين، وأَثَرٌ حَسَنٌ فيه؛ فحبُّهم لذلك المعنى محضُ الإيمان، وبُغْضُهُمْ له محضُ النفاق.
وقد دَلَّ على صحَّة ما ذكرناه: قوله ﵌ فيما خرَّجه البَزَّار في أصحابه كلِّهم: «فَمَنْ أحبَّهم فبحبِّي أحبَّهم، ومَنْ أبغضَهُمْ فببغضي أبغَضَهُمْ» (١).

(١) قَالَ رَسُولُ اللهِ ﵌: «اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي، اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي، لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللهَ ﷿ وَمَنْ آذَى اللهَ فَيُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ» (رواه الإمام أحمد والترمذي، وصحح إسناده حمزة الزين في تحقيقه للمسند (٢٠٤٥٦)، ولم أجده في مسند البزار).
(اللهَ اللهَ) أَيْ اِتَّقُوا اللهَ ثُمَّ اِتَّقُوا اللهَ (فِي أَصْحَابِي) أَيْ فِي حَقِّهِمْ. وَالْمَعْنَى لَا تُنْقِصُوا مِنْ حَقِّهِمْ وَلَا تَسُبُّوهُمْ، أَوْ التَّقْدِيرُ: أُذَكِّركُمْ اللهَ ثُمَّ أَنْشُدُكُمْ اللهَ فِي حَقِّ أَصْحَابِي وَتَعْظِيمِهِمْ وَتَوْقِيرِهِمْ كَمَا يَقُولُ الْأَبُ الْمُشْفِقُ اللهَ اللهَ فِي حَقِّ أَوْلَادِي. (لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا) أَيْ هَدَفًا تَرْمُوهُمْ بِقَبِيحِ الْكَلَامِ كَمَا يُرْمَى الْهَدَفُ بِالسَّهْمِ.
(فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ) أَيْ بِسَبَبِ حُبِّهِ إِيَّايَ أحَبَّهُمْ، أَوْ بِسَبَبِ حُبِّي إِيَّاهُمْ أحَبَّهُمْ.
(وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضُهُمْ) أَيْ إِنَّمَا أَبْغَضُهُمْ بِسَبَبِ بُغْضِهِ إِيَّايَ.
(أَنْ يَأْخُذَهُ) أَيْ يُعَاقِبَهُ فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي الْآخِرَةِ. (اهـ باختصار من تحفة الأحوذي).

1 / 285