Aasaasaha Masar Casriga

Cali Axmed Shukri d. 1360 AH
61

Aasaasaha Masar Casriga

الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة

Noocyada

45

مع أن السلطان ظل مصرا على رأيه، فاضطرت روسيا إلى أن تلجأ إلى استخدام القوة. وفي العام التالي أرغمت الباب العالي على توقيع معاهدة أدرنة التي سلم فيها بنفس الآراء التي أبداها والي مصر من قبل ذلك بعامين.

ولا ريب في أن تورط محمد علي في شئون أوروبا السياسية على نحو ما بسطناه هنا قد أنهك موارده إلى أقصى حد؛ فإن ما أنفقه من الأموال الطائلة على بناء سفنه وفي شراء المؤن والذخائر التي تدفقت على المورة، ثم إن ما جمعه من الرجال ودربه من الجنود وبعث به إلى ميادين القتال كل هذا قد ذهب أدراج الرياح بين عشية وضحاها، وقد عاد جيش إبراهيم من المورة وهو في حالة جوع وعجز وبؤس شديد، بل إن الكثير من الجنود قد غلبتهم الفاقة حتى عجزوا عن مواصلة السير.

46

وهكذا نجح الباب العالي في تسخير الثورة اليونانية لخدمة غاياته وأغراضه، فإن باشا مصر القوي لم يعد الآن صاحب القوة التي كان عليها عندما سمى نفسه حامي الإسلام. على أنه لم يتورط في عداء الدول الغربية إلى الحد الذي كان يرغب فيه الباب العالي برغم من إحراق أسطوله وتجويع جيشه، بل كان لديه لسوء الحظ من أصالة الرأي وبعد النظر ما يجعله يلقي تبعة هذه النكبات على عاتق «السلطان العنيد» ووزرائه المأفونين الذين لم يحفلوا بما بذله لهم من الآراء السديدة. وقد انسحب محمد علي من حومة الوغى وظل يشهد سير الأمور من مكانه الحريز، بينما كان أهالي الآستانة يتوقعون وصول الروس الفاتحين إليها يوما بعد يوم، وقد امتلأت جوانح محمد علي بالازدراء لعجز الباب العالي وحقده، وصار الآن أشد تصميما منه في أي زمن مضى على تحرير نفسه تحريرا نهائيا من نفوذه السيئ، ثم إنه أصبح الآن أشد إيمانا بأهمية السيادة البحرية وبخاصة سيادة بريطانيا البحرية، وقد تبين له الآن أن امتلاك المورة لا يصح أن يعتبر الضمان الذي يمكنه تقديمه في مقابل الحصول على محالفة إنجليزية؛ لأن السيادة البحرية قد انتزعت من قبضة يده في عصر يوم واحد ذلك الضمان الذي حسبه ضمانا قويا، ولكنه قد يوفق إلى الحصول على الضمان المطلوب يوما ما، فهلا يمكن أن يكون هذا الضمان هو الاستيلاء على طريقي الهند، بل ألا يمكن أن يكون هذا الضمان هو التهديد بعقد محالفة مع مزاحمة إنجلترا في البحر الأبيض؟

الفصل الرابع

مسألة الجزائر وفتح سوريا

تمتد بلاد البربر على طول الشاطئ الأفريقي من موغادور إلى بنغازي، هي إمارات مكونة من القراصنة، ومنها كانت تتركب بعض أجزاء الخلافة في الأيام الخالية، وقد احتفظت باستقلالها بعد انهيار الإمبراطورية الإسلامية، ولم يكن من شأن قيام الإمبراطورية العثمانية أن تتدخل في شئون تلك الإمارات التي ظلت حرة في أعمالها لا ترتبط بتلك الإمبراطورية إلا بروابط الاحترام لتلك الدولة المتوحشة التي وطدت سلطانها في مدينة الآستانة وسلخت بلاد البربر طيلة القرنين السادس عشر والسابع عشر في حروب متواصلة ضد الملاحين الأوروبيين كافة.

على أن تأسيس أساطيل الدول الغربية في إبان القرن الثامن عشر، وإن كان قد قلل من نشاط تلك الولايات وضيق الخناق على ما كانت تقوم به من أعمال اللصوصية، إلا أنه لم يغير شيئا من ميولها ونزعاتها، وإذا كانت الولايات البربرية المذكورة قد خشيت العبث بالسفن الإنجليزية أو الفرنسية فإنها لم تفتأ تشن الغارة على كل ما كان يقع في أيديها من سفن إسبانيا أو جنوا أو نابلي.

وقد بلغ عدد ما استولت عليه بلاد البربر من السفن بين سنتي 1805م و1815م نحو 90 سفينة، وإذا كانت الإمارات المذكورة قد قللت شيئا من أعمال القرصنة بعد أن أطلق لورد اسكموث قنابل أسطوله على مدينة الجزائر في سنة 1816م فإنها قد تمكنت على الرغم من ذلك من الاستيلاء على 26 سفينة أخرى في خلال السنوات العشر التالية، ومن ثم ذهب الأسطول الإنجليزي في سنة 1824م إلى مدينة الجزائر مرة أخرى؛ لأنه لم يبق مناص من تصفية الحساب نهائيا مع هؤلاء الأقوام الذين كانوا يدينون بمبادئ أهالي القرون الوسطى.

Bog aan la aqoon