164

Aasaasaha Masar Casriga

الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة

Noocyada

على أنه إذا كانت أعمال ابتزاز الأموال بالطرق غير النظامية قد أوقفت؛ فإن الضرائب المنتظمة قد أخذت تزداد ويشتد عبؤها على الأهلين فإن «الخراج» أو الجزية المفروضة على كافة الرعايا المسيحيين التابعين للباب العالي كانت تحصل بمنتهى الشدة والقسوة،

9

ولم يفلت من شرورها إلا القليل النادر، وقد فرضت ضريبة على النبيذ بقطع النظر إذا كان مصنوعا بقصد البيع أو لشئون الصناعات المنزلية، ثم إن امتياز بيع التبغ والخمرة والجلود في المدن كان من الأمور التي احتكرتها الإدارة المحلية؛ فأدى هذا كله إلى زيادة الصخب، وجاءت الأنباء تترى من كل صوب وحدب بحصول بعض المعجزات في مختلف الأديرة، فشرع الناس يتجمهرون في أنحاء متفرقة. وليس من شك في أن هذه المتاعب كانت كلها نتيجة ما كان ينشره اللاجئون من الدعاية السيئة، ولما ظن أن الساعة الملائمة لإحداث الانفجار قد حانت هجم أحد الأشرار على أحد السائحين الأتراك وأوسعه ضربا إلى أن فاضت روحه، وقد قبض على الفاعل - وهو من اللاجئين العائدين - وأعدم فعلا، ولكن حكم الإعدام هذا كان أول وآخر حكم. ومن ثم شرعت الإدارة في إبعاد اللاجئين العائدين أو السماح لهم بالبقاء باعتبارهم كتابيين يدفعون الجزية، بشرط أن تدفع القرى التي ينتسبون إليها كفالة عن حسن سلوكهم،

10

ثم عاد الباشا إلى الإسكندرية بعد أن أصدر الأوامر التي من شأنها زيادة الأراضي المنزرعة.

ولكن هذه الأوامر هيأت لسوء الحظ الفرصة لحدوث القلاقل من جديد؛ فلقد كان من بين أوامره المذكورة أمر يقضي بأن يعين في كل منطقة شخصان لهما دراية بقوانين مصر، وأن يقوما بزيارة كل قرية واستشارة أغنيائها عن خير الوسائل للبر بالفقراء ومساعدتهم وتوحيد الإجراءات لنقل الأيدي العاملة من القرى الغاصة بالسكان إلى الجهات غير المنزرعة التي يقل فيها العمال، ومع أن هذا الأمر كان مقرونا بأوامر أخرى لا سبيل إلى إنكار فوائدها؛ لأنها كانت ترمي إلى خير الشعب عامة كإنشاء المدارس ودفع مرتبات طفيفة للطلبة نقول برغم هذا كله فإن أهالي كنديا قد دخل في روعهم أن الباشا كان يرمي إلى فرض نظام مراقبة الأراضي كالذي كان متبعا في مصر؛ ولهذا هاج هائجهم ورفع علم الثورة، على الرغم من أن النظام الذي أدخله محمد علي في كنديا مهما افترضنا نقصه في بعض نواحيه؛ فإنه كان بلا جدال يشتم منه روح الخير وعدم التنطع في الدين وحب العدالة ورغبة ظاهرة محسوسة في سعادة الشعب ورخائه؛ مما يشهد له أطيب شهادة.

11

وتهيج الباشا واشتد غضبه لكفران الأهالي بما ينتظر أن تدره عليهم وعلى جزيرتهم هذه المشروعات من الخير وعقد نيته على التمثيل بالمسئولين عن إثارة المشاغب، فأصدر أمره بإعدام عدد معين من الأفراد؛ إذ ضبطوا بجريمة الحض على الثورة. ولم يكتم الباشا رأيه عن كامبل بأنه يتوقع أن يضبط بعض الأتراك متلبسين بالجريمة المذكورة كبعض الأروام، وإن ضبطوا فلا مفر من إعدامهم أيضا أسوة بالآخرين.

12

وأخيرا، ضبط ولاة الأمور 31 شخصا بينهم خمسة من الأتراك وقد أعدموا جميعا. ولقد زعم القنصل الفرنسي (وكان مشهورا بعطفه على اليونانيين وتحزبه لهم) أن المتهمين قد أعدموا بدون محاكمة،

Bog aan la aqoon