Aasaasaha Masar Casriga
الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة
Noocyada
فلما رفضت هذه المطالب عادوا إلى المناداة بمحمد علي واليا على القاهرة بطريقة رسمية، وشرعوا في محاصرة القلعة، وبلغ حماس الأهالي إلى درجة الغليان؛ مما جعل يذكر رجال الجالية الفرنسية - وكانوا يرقبون تطور الأحوال عن كثب - بشدة اندفاع سكان باريس المتحمسين للثورة الفرنسية.
22
وفي الواقع كان هناك تشابه كبير بين الثورتين؛ فإن الشعب في كلتا الحالتين كان منهمكا في استبدال حاكم بآخر، على أنه برغم ذلك كان يوجد فارق جوهري بين الحالتين. فالشعب الذي كان يتدفق وراء غوغاء باريس ورعاعها كان يهدف إلى إيجاد معاهدة جديدة، بينما لم يكن للرجل الواقف خلف فتنة القاهرة من غاية سوى تعزيز نفوذه الشخصي بالوصول إلى كرسي الحكم. وإذا كان الفرنسيون كذلك قد هاجموا البستيل واستولوا عليه، فإن سكان القاهرة على الرغم من أنهم كانوا يقتلون أنصار خورشيد أينما عثروا عليهم في الطريق، وعلى الرغم من أن كلا من هؤلاء السكان حتى الأطفال راح يبتاع السلاح؛
23
فإنهم لم يستطيعوا الاستيلاء على القلعة. نعم؛ لقد تظاهر محمد علي بمساعدة الأهالي، فقد أمر بسحب المدافع إلى قمة جبل المقطم؛ حيث يشرف على القلعة، ووضع جماعة من الرماة الماهرين في مأذنة جامع السلطان حسن، ولكن الزعيم الألباني لم يكن يرى في الحالة ما يقتضي استعجال الأمور والوصول بها إلى نتيجة حاسمة. ولعله كان يعتقد أن ذلك يكلفه الكثير من الضحايا في وقت لم يكن يعتمد فيه الاعتماد كله على رجاله.
وفوق ذلك فإنه كان يفضل أن يصير باشا القاهرة برضاء الآستانة، لا أن يعلن عصيانه على السلطان، وقد ذهب المعتمد الفرنسي دورفيشي، وهو أبعد نظرا من سلفه ليسبس،
24
إلى الباب الموضوع في تقرير بعث به حوالي ذلك الوقت إلى حكومته في باريس، فقد كتب يقول:
إن تصرفات هذا الزعيم الألباني صاحب المشروعات الكبيرة تحملني على الظن بأنه يؤمل أن يصبح باشا القاهرة بلا قتال ما وبدون إغضاب السلطان؛ فكل تصرف من تصرفاته يكشف عن عقلية ماكييفالية، حتى لقد بدأت حقا أعتقد أن له عقلا أرجح مما لدى الكثيرين من الأتراك. ويخيل إلي أنه يرمي إلى اعتلاء كرسي الحكم باسترضاء العلماء والشعب، وهكذا يرغم الباب العالي على التنازل له عن طواعية عن كرسي الحكم الذي يكون قد تم له الاستيلاء عليه.
ولقد جاءت النتيجة طبق ما توقعه هذا المعتمد الحاذق؛ ذلك أن رسولا من قبل السلطان وصل إلى الإسكندرية في شهر يونيو يحمل أمرا بإعطاء ولاية مصر لخورشيد أو لمحمد علي، أي لأصلح الرجلين وأعزهما نفرا، وبعد لأي ما اعترف الرسول بأن محمد علي هو الأقوى، فخلع عليه الولاية ...
Bog aan la aqoon