Aasaasaha Masar Casriga
الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة
Noocyada
وراح من فوره ينشد حليفا آخر في شخص الباشا الجديد، وكان لا يزال في الإسكندرية. وقد أبلغ محمد علي المعتمد الفرنسي في القاهرة بأن الألبانيين بمجرد استطاعتهم الحصول من المماليك على مرتباتهم المتأخرة عن الأشهر الثمانية السالفة؛ فلسوف يعقبه انفجار يعيد الألبانيين إلى حظيرة رضا السلطان. ثم استرسل، فقال: «ماذا عسانا أن ننتظر من أناس كالمماليك؟! إنهم أعداؤنا الطبيعيون وهم لا يتحرجون عن الغدر بإخوانهم الأتراك.»
14
وقد حدث الانفجار في الوقت الملائم كما توقعوا. ففي يوم 11 مارس أغار الألبانيون في القاهرة على دور زعماء البيكوات، فسلمت القلعة. وإذ ذاك أعلن محمد علي الفرمانات بتعيين خورشيد باشا واليا على مصر،
15
وكان طبيعيا أن يتقدم الباشا للاتصال بحليفه، ثم دارت رحى القتال عدة أشهر حول القلعة بين البيكوات من ناحية وبين الباشا ومحمد علي من الناحية الأخرى، ولكن بدلا من اتجاه الألبانيين والمماليك في العام السالف لطرد خسرو باشا فإن هيبة الأتراك قد تلاشت الآن، حتى إن خورشيد أصبح لا يعتمد إلا على محمد علي، وكان نفوذه آخذا في الازدياد، وقد صار الباشا - كما حدثنا لسبس - بحق عبارة عن أداة يسخرها الألبانيون كما يشاءون في قضاء مأربهم،
16
وفي خريف هذه السنة تجلت هذه الحقيقة بشكل لا خفاء فيه، فلقد بدأ الألبانيون يضيقون ذرعا بمصر، وأخذ كثيرون منهم يحنون إلى أوطانهم ويجأرون بطلب العودة بصحبة ما جمعوه من الغنائم والأسلاب. ولكن خورشيد أحس بأن لا سبيل إلى احتفاظه بمركزه بغير مساعدة محمد علي المنطوية على الحزم وسعة الحيلة؛ ولذا ألح عليه في البقاء، ونحسب أننا لا نعدو الواقع إذا قلنا إنه لم يجد صعوبة في إقناعه بذلك.
17
وكان البؤس وقت ذاك قد ضرب أطنابه في كافة أنحاء القاهرة، ولكن لم يكن ثمة مناص من ترضية جنود محمد علي وحملهم على البقاء . وهنا لم ير خورشيد حيلة إلا أن يرضيهم بتجديد طرق الابتزاز التي كانت شائعة في أيام المماليك. مثال ذلك أن أعيان الأقباط جيء بهم إلى القلعة، وطلب إليهم تقديم 2000 كيس «نحو 10000 جنيه»، ولكن المماليك المعسكرين حول القاهرة قطعوا عنها الحبوب؛ فتفشت المجاعة في المدينة، ومن ثم أخذ المسلمون الصالحون يتحسرون على أيام حكم الفرنسيين الكفار!
18
Bog aan la aqoon