Aasaasaha Masar Casriga
الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة
Noocyada
وفي الواقع كانت إدارته المالية مقرونة بالنجاح، حتى إن باركر نفسه كان يعتقد أن الباشا قد عثر على مصباح علاء الدين المذكور في الأقاصيص .
ولم يكن هناك أثر للسحر فيما كان يعمله محمد علي الذي جعل رائده الحكمة واليقظة، ولقد كانت الحسابات العمومية عندما تسلم محمد علي أعنة الحكم بأيدي الكتبة الأقباط الذين جعلوا منها أنموذجا للتعقيد، وكانت غايتهم من ذلك التعقيد مزدوجة؛ ذلك بأن يجعلوا خدماتهم ما لا يمكن الاستغناء عنها، وثانيا لأن التعقيد يستر أغلاطهم بحيث يتعذر العثور عليها. ولم تكن الحسابات العمومية مركزة في مصلحة معينة، بل كانت الضرائب المختلفة توزع بين المصالح المتشعبة طبقا للطريقة التركية المتبعة
42
فلم تكن ثمة ميزانية، ولا أمل في وضع ميزانية، ولقد أظهر الباشا - والحق يقال - ميلا لأن يدرس وينقل عن الغربيين في هذه المسألة كغيرها من المسائل فكلف باغوص بلك الأرمني وأشد الموظفين إخلاصا بأن يحصل على مشروع لضبط الحسابات كالمعمول بها في المصالح العمومية في أوروبا.
43
وأسندت إلى المسيو جرمار الفرنسي مهمة وضع نظام جديد، ولكن ذلك لم يبطل العادة السيئة التي كانت متبعة، وهي تخصيص إيراد مناطق معينة لوزراء معينين لسد نفقاتهم بدلا من إرسال الإيراد جميعه إلى خزانة مشتركة، ولا ريب في أن سير الأمور في الأحوال الحاضرة يؤدي إلى الفساد وسوء استعمال السلطة؛ لأن لكل وزير خزانته الخاصة؛ أي إن هناك سبعة أبواب مفتوحة (وهي أبواب الوزارات السبع) للغش والتدليس، مع أن فتح باب واحد للفساد في بلاد كهذه هو أكثر من اللازم.
44
وعندما زار بورنج القطر المصري في سنة 1838م استطلع الباشا رأيه في مسألة الحسابات وجيء إليه بمختلف الحسابات العامة لإلقاء نظرة عليها، فأشار بعدة توصيات لإصلاح الحسابات. وكان في طليعة هذه التوصيات وضع ميزانية في ابتداء كل سنة لبيان الإيرادات والمصروفات، ثم إرسال كافة الإيرادات إلى الخزانة الرئيسية، ثم الفصل بين السلطة التي تستلم الإيرادات عن السلطة التي تتصرف في الأموال العامة وتخويل وزير المالية السلطة الكافية لإقرار ما يقترح عليه من المصروفات أو رفضها، وأخيرا وضع قاعدة لدفع الحسابات العامة فورا وموازنتها وفحصها.
45
وليس فيما بين أيدينا من الأدلة المقتضبة ما يكفي لإعطائنا صورة صحيحة أو صورة كاملة عن تاريخ الباشا من الناحية المالية، ولكن يلوح أنه استطاع في كل حين أن يخفض مصروفاته عن إيراداته. خذ مثلا على ذلك سنة 1820م المتداخلة في سنة 1821م، (والمعلوم أن السنة القبطية المستعملة في الحسابات المصرية تنتهي عادة في 28 سبتمبر)؛
Bog aan la aqoon