الفينا مكتوبك وما ذكرت فيه من ذكرك وما بلغك ولا يخفاك أن المسائل التي ذكرت أنها بلغتكم في كتاب من العارض جملتها أربعة وعشرون مسألة بعضها حق وبعضها بهتان وكذب وقبل الكلام فيها لابد من تقديم أصل وذلك أن أهل العلم إذا اختلفوا والجهال إذا تنازعوا ومثلي ومثلكم إذا اختلفنا في مسألة هل الواجب اتباع أمر الله ورسوله وأهل العلم أو الواجب اتباع عادة الزمان التي أدركنا الناس عليها ولو خالفت ما ذكره العلماء في جميع كتبهم وإنما ذكرت هذا ولو كان واضحا لأن بعض المسائل التي ذكرت أنا قلتها لكن هي موافقة لما ذكره العلماء في كتبهم الحنابلة وغيرهم ولكن هي مخالفة لعادة الناس التي نشأوا عليها فأنكرها علي لأجل مخالفة العادة وإلا فقد رأوا تلك في كتبهم عيانا وأقروا بها وشهدوا أن كلامي هو الحق لكن أصابهم ما أصاب الذين قال الله فيهم
ﵟفلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرينﵞ
الاية وهذا هو ما نحن فيه بعينه فإن الذي راسكم هو عدو الله ابن سحيم وقد بينت ذلك له فأقر به وعندنا كتب يده في رسائل متعددة أن هذا هو الحق وأقام على ذلك سنين لكن أنكر آخر الأمر لأسباب أعظمها البعغي أن ينزل الله من فضلع على من يشاء من عباده وذلك أن العامة قالوا له ولأمثاله إذا كان هذا هو الحق فلأي شيء لم تنهونا عن قبادة شمسان وأمثاله فتعذروا أنكم ما سألتمونا قالوا وإن لم نسألكم كيف نشرك بالله عندكم ولا تنصحونا وظنوا أن يزتيهم في هذا عضاضة وأن فيه شرفا لغيره وأيضا لما أنكرنا عليهم أكل السحت والرشا إلى غير ذلك من الأمور فقام يدجل عندكم وعند غيركم بالبهتان والله ناصر دينه ولو كره المشركون وأنت لا تستهون مخالفة العادة على العلماء فضلا عن العوام وأنا أضرب لك مثلا بمسألة واحدة وهي مسئلة الإستجمار ثلاثا فصاعدا غير عظم ولا روث وهو كاف مع وجود الماء عند الأئمة الأربعة وغيرهم وهو إجماع الأمة لا خلاف في ذلك ومع هذا لو يفعله أحد لصار هذا عند الناس أمرا عظيما ولنهوا عن الصلاة خلفه وبدعوة مع إقرارهم بذلك ولكن لأجل العادة إذا تبين هذا فالمسائل التي شع بها منها ما هو من البهتان الظاهر وهو قوله إني مبطل كتب المذاهب وقوله إني أقول إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء وقوله إني أدعي الاجتهاد وقوله إني خارج عن التقليد وقوله إني أقول إن اختلاف العلماء نقمة وقوله إني أكفر من توطسل بالصالحين وقوله إني أكفر البوصيري لقوله يا أكرم الخلق وقوله إني أقول لو أقدر على هدم حجرة الرسول لهدمتها ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها وجعلت لها ميازبا من خشب وقوله إني أنكر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقوله إني أنكر زيارة الوالدين وغيرهم وإني أكفر من يحلف بغير الله فهذه اثنتا عشرة رسالة جوابي فيها أن أقول سبحانك هذا بهتان عظيم ولكن قبله من بهت النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى ابن مريم ويسب الصالحين تشابهت قلوبهم وبهتوه بأنه يزعم أن الملائكة وعيسى وعزيرا في النار فأنزل الله في ذلك
ﵟإن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدونﵞ
الآية وأما المسائل الأخر وهي أني أقول لا يتم إسلام الإنسان حتى يعرف معنى لا إله إلا الله ومنها أني أعرف من يأتيني بمعناها ومنها أني أقول الإله هو الذي فيه السر ومنه تكفير الناذر إذا أراد به التقرب لغير الله وأخذ النذر كذلك ومنها أن الذبح للجن كفر والذبيحة حرام ولو سمي الله عليها إذا ذبحها للجن فهذه خمس مسائل كلها حق وأنا قائها ونبدأ بالكلام عليها لأنها أم المسائل وقبل ذلك أذكر معنى لا إله إلا الله فنقول التوحيد نوعان توحيد الربوبية وهو أن الله سبحانه متفرد بالخلق والتدبير عن الملائكة والأنبياء وغيرهم وهذا حق لا بد منه لكن لا يدخل الرجل في الإسلام لأن أكثر الناس مقرون به قال الله تعالى
ﵟقل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصارﵞ
إلى قوله
ﵟأفلا تتقونﵞ
وأن الذي يدخل الرجل في الإسلام هو توحيد الألوهية وهو أن لا يعبد إلا الله لا ملكا متقربا ولا نبيا مرسلا وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث وأهل الجاهلية يعبدون أشياء مع الله فمنهم من يدعوا الأصنام ومنهم من يدعو عيسى ومنهم من يدعو الملائكة فنهاهم عن هذا وأخبرهم أن الله أرسله ليوحد ولا يدعي أحد من دونه لا الملائكة ولا الأنبياء فمن تبعه ووحد الله فهو الذي شهد أن لا إله إلا الله ومن عصاه ودعا عيسى والملائكة واستنصرهم والتجأ إليهم فهو اذي جحد لا إله إلا الله مع إقراره أنه لا يخلق ولا يرزق إلا الله وهذه جملة لها بسط طويل لكن الحاصل أن هذا مجمع عليه بين العلماء ولما جرى في هذه الأمة ما أخبر به فيها صلى الله عليه وسلم حيث قال لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه وكان من قبلهم كما ذكر الله عنهم
ﵟاتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون اللهﵞ
فصار ناس من الضالين يدعون أناسا من الصالحين في الشدة والرخاء مثل عبد القادر الجبلائي وأحمد ابدوي وعدى بن مسافر وأمثالهم من أهل العبادة والصلاح فأنكر عليهم أهل العلم غاية الإنكار وزجروهم عن ذلك وحذروهم غاية التحذير والإنذار من جميع المذاهب الأربعة في سائر الأقطار والأمصار فلم يحصل منهم انزجار بل ا ستمروا على ذلك غاية الاستمرار وأما الصالحون الذين يكرهون ذلك فحاشاهم من ذلك وبين أهل العلم أن أمثال هذا هو الشرك الأكبر وأنت ذكرت في كتابك تقول يا أخي مالنا والله دليل إلا من كلام أهل العلم وأنا أقول كلام أهل العلم رضي وأنا أنقله لك وأنبهك عليه فتفكر فيه وقم لله ساعة ناظرا مع نفسك ومع غيرك فإن عفرت أن الصواب معي وأن دين الإسلام اليوم من أغرب الأشياء أعني دين الإسلام الصرف الذي لا يمزج بالشرك والبدع وأما الإسلام الذي ضده اكفر فلا شك أن أمة محمد صلى اله عليه وسلم آخر الأمم عظيم والخطب جسيم فإن أشكل عليك شيء فسفرك إلى المغرب في طلبه غير كثير واعتبر لنفسك حيث قلت لي فيما مضى إن هذا هو الحق الذي لا شك فيه لكن لا تقدر على تغييره وتكلمت بكلام حسن فلما غربلك الله بولد المويس وليس عليك وكتب لأهل الوشم يستهزئ بالتوحيد ويزعم أنه بدعة وأنه خرج من خراسان ويسب دين الله ورسوله لم تفطن لجهله وعظم ذنبه وظننت أن كلامي فيه من باب الانتصار للنفس وكلامي هذا لا يغيرك فإن مرادي أن تفهم أن الخطب جسيم وأن أكابر أهل العلم يتعلمون هذا ويغلطون فيه فضلا عنا وعن أمثالنا فلعله إن أشكل عليك لواجهني هذا إن عرفت أنه حق وإن كنت إذا نقلت لك عبارات العلماء عرفت أني لم أفهم معناها وأن الذي نقلت لك كلامهم أخطئوا وأنهم خالفهم أحد من أهل العلم فنبهني على الحق وارجع إليه إن شاء الله تعالى فنقول قال الشيخ تقي الدين وقد غلط في مسمى التوحيد طوائف من أهل النظر ومن أهل العبادة حتى قلبوا حقيقته فطائفة ظنت أن التوحيد هو نفي الصفات وطائفة ظنوا أنه الإقرار بتوحيد الربوبية ومنهم من أطال في تقرير هذا الموضع وظن أنه بذلك قرر الوحدانية وأن الألوهية هي القدرة على الاختراع ونحو ذلك ولم يعلم أن مشركي العرب كانوا مقرين بهذا التوحيد قال الله تعالى
ﵟقل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمونﵞ
الآيات وهذا حق لكن لا يخلص به عن الإشراك بالله الذي لا يفعره الله بل لا بد أن يخلص الدين لله فلا يعبد إلا الله فيكون دينه الله والإله هو المألوه الذي تألهه القلوب وأطال رجمه الله الكلام
Bogga 67