95

مجمل أصول أهل السنة

مجمل أصول أهل السنة

Noocyada

قواعد مهمة في الأسماء والصفات الحمد لله، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، ﷺ وآله، ورضي الله عن صحابته والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فموضوع الإيمان يعتبر هو تاج العقيدة، وقمة مباحث العقيدة وموضوعاتها؛ لأنه يتعلق بالله ﷿ بأسمائه وصفاته وأفعاله، ولا شك أن غاية التوحيد هو معرفة الله ﷿ وعبادته والتوجه إليه، وهذا يسمى التوحيد العلمي الاعتقادي، توحيد الله ﷿ بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله وما يجب له سبحانه، ويسمى التوحيد العلمي؛ لأنه علم يتلقى عن الوحي المعصوم، ويسمى الاعتقادي؛ لأنه يجب أن يعتقد، ولا يجوز لمسلم أن يخل بما يجب لله ﷿ على جهة الإجمال، وما يبلغه أيضًا على جهة التفصيل. وهذا التوحيد العلمي الاعتقادي أوله ما يتعلق بذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله، ثم ما يترتب على ذلك من ثمرات في قلب المؤمن وسلوكه. وهناك بعض القواعد المهمة المفيدة التي ينبغي أن يستصحبها كل مسلم في قلبه وعقله وفي نظراته تجاه حقوق الله ﷿ وما يجب له، وتجاه أمور الدين ومسلمات الدين وأهم هذه القواعد في باب أسماء الله وصفاته وأفعاله الآتي: أولًا: أن أسماء الله وصفاته وأفعاله حسنى بالغة الحسن، بالغة الكمال والجمال، فالله ﷿ موصوف بصفات الكمال وبصفات الجمال جملة وتفصيلًا، فجميع أسمائه وصفاته وأفعاله حسنى، كما قال ﷿: ﴿وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف:١٨٠] فكلها حسنى بإطلاق، وتشتمل على كل معاني الحسن والكمال والجمال. ثانيًا: أنها غاية الكمال في كل شيء في معانيها، وفي ألفاظها، وفي حقائقها، وفي ثمارها، وفي غاياتها. ثالثًا: أنه لا يرد إليها النقص بوجه، أي: أن أسماء الله وصفاته وأفعاله لا يمكن أن يرد فيها ولا إليها ولا حولها لا في الذهن الصافي ولا في قلب المؤمن، لا يمكن أن يرد فيها شيء من تصور النقص في أسماء الله وصفاته وأفعاله. رابعًا: أنها حقائق وأعلام وأوصاف، حقائق بمعنى أنه يوصف الله بها على الحقيقة، فالأسماء يسمى بها الله ﷿ على الحقيقة، والصفات يوصف الله بها على الحقيقة، والأفعال أيضًا منسوبة إلى الله ﷿ على الحقيقة على ما يليق بجلال الله سبحانه؛ لأن مفهوم الحقيقة قد يتبادر في أذهان بعض الناس أن المقصود بالحقيقة الكيفية، وهذا لا شك أنه منفي؛ لأن الله ﷿ ليس كمثله شيء، لكنه موصوف بالحق، فهو الحق، وأسماؤه حق، وصفاته حق، وأفعاله حق، وعلى هذا فإنها أعلام أي: أنها تطلق على الله، وهو سبحانه علم معروف بآياته وبنعمه وبجميع أنواع المعارف، فإنه ﷿ لا يخفى أمره على أحد، ولذلك قرر الله ﷿ هذه القاعدة لجميع العقلاء يقول: ﴿أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [إبراهيم:١٠] فإذا كان كذلك فهو مسمى بأسماء هي أعلام على ذاته، وإن كانت هذه الأسماء تدل على صفات وأفعال، وتدل على معاني الكمال، فهي كذلك أوصاف من حيث مضامينها ومعانيها وحقائقها، فأسماء الله وصفاته حقائق لا مجازات، وهي حقائق لا رموز. خامسًا: أنها توقيفية: فأسماء الله وصفاته وأفعاله على جهة التفصيل موقوفة على ما جاء به النص، فالعقول السليمة والفطر المستقيمة تدرك كثيرًا من الكمالات لله على جهة الإجمال، فوجود الله وعظمته وكماله سبحانه، واتصافه بصفات الكمال، وأيضًا إدراك علمه وحكمته وسائر الصفات والمعاني الإجمالية تدرك أكثرها لله ﷿ على جهة التفصيل ولا يمكن إدراك ما يليق بجلال الله ﷿ إلا بما جاء به النص، وعلى هذا فهي توقيفية. سادسًا: أن أسماء الله وصفاته وأفعاله غير محصورة، لأن له الكمال المطلق، ولكن جاءنا بخبر القرآن والسنة عن أسماء الله وصفاته بما يناسب أحوالنا ومداركنا، ولا يعني ذلك أن أسماء الله محصورة بما ورد، وحتى ما ذكره النبي ﷺ في الحديث الصحيح (أن لله تسعة وتسعين اسمًا) لا يعني ذلك الحصر، إنما يعني ذلك ما يمكن أن يرد إلى مدارك عقول الناس وبتعبيرات وباللسان الذي خاطب الله به البشر، ولذلك فإن أسماء الله لا حصر لها، وكذلك صفاته وأفعاله، لأنه موصوف بالكمال، والكمال لا ينتهي. وأيضًا فإن ما نص عليه النبي ﷺ في نصوص كثيرة منها قوله ﷺ في الحديث أنه حينما يدعو ربه يقول: (أدعوه بمحامد يلهمني الله إياها) يلهمه من جديد، كذلك الدعاء الآخر الذي قال فيه النبي ﷺ: (اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك) فعلى هذا فإن الله استأثر في علم الغيب عنده، أي: حجبه عنا من أسمائه وصفاته وأفعاله ومحامده وكماله ما لا يحصى. هذه بعض القواعد وأهمها والتي ينبغي استحضارها في هذا المقام. وا

4 / 2