24

مجمل أصول أهل السنة

مجمل أصول أهل السنة

Noocyada

مصدر العقيدة هو الكتاب والسنة والإجماع الأصل الأول: مصدر الدين عمومًا والعقيدة على وجه الخصوص، هو كتاب الله وسنة رسول الله ﷺ الصحيحة، وقلنا: الصحيحة؛ لأن ما لم يصح فلا يستمد منه الدين، ولا يعتبر مصدرًا للدين؛ لأن الكلام عن الدين بأصوله وثوابته ومسلماته، لا الاجتهاديات، مع أن الاجتهاد أيضًا يرتكز على أدلة أحيانًا في الأمور الاجتهادية، فمثلًا: مسألة الأخلاق والفضائل قد يستمد العالم بدليل ليس ثابتًا لكنه أيضًا قد يكون الدليل ضعيفًا، لكن فيه حكمة، فيعتبر على الأقل حكمة، وهذا بالأمور الاجتهادية، أما في قطعيات الدين والعقيدة والثوابت والمسلمات فلا يمكن أن يرد مصدر غير الكتاب والسنة والإجماع وإن كان الإجماع لابد أن يرتكز على الكتاب والسنة، ولذلك بحمد الله لا يوجد إجماع عند السلف لا يعتمد على النصوص؛ لأن الإجماع مبناه على الحق، ومصادر الحق: الوحي المعصوم (القرآن والسنة)، ومصادر الحق لابد أن تتضمن بعض الأصول التي تحتاج إلى استنباط، فهناك أشياء أجمع عليها السلف؛ لأنها إما أن تنبني على قاعدة جاءت بنص أو قاعدة جاءت بمجموعة نصوص، أو منهج علمي وعملي رسمه النبي ﷺ في سيرته ورسمه الصحابة في سنة الخلفاء الراشدين، فصار هذا المنهج العملي إجماعًا؛ لأنه راجع إلى تطبيق الدين، وهذا يسمى منهجًا. وأيضًا إذا قلنا: إن مصادر الدين: الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح، فقد يرد تساؤل: أليس العقل مصدرًا؟ حيث أن العقل نعمة من الله ﷿ كرم الله بها العباد، وجعلها مناط التكليف؟ نقول: العقل وسيلة لا يستقل بتقرير الدين، نعم هو مناط التكليف ووسيلة الاجتهاد، ولولا أن الله أعطانا عقولًا ما عرفنا الهدى الذي يسره الله لنا، وإن كان هذا بتوفيق الله، لكن من توفيق الله أن أعطى البشر عقولًا يهتدون بها، فهو وسيلة وليس مصدرًا، وكما أن العقل السليم يدرك المجملات دون تفصيلات الأصول وتفصيلات الشرائع، فيدرك مثلًا ضرورة التزام الصدق، والدين جاء بوجوب الصدق، ويدرك خطورة الكذب، والدين جاء بتحريم الكذب، وبعض العقول المتميزة قد تدرك ضرورة البحث؛ لأنه عندما يرى حياة الناس وما فيها من تفاوت وما فيها من ظلم وما فيها من مشاكل ولأواء يدرك بعقله أنه لابد من حياة أخرى يكون فيها إنصاف وعدل، وهذا الإدراك الإجمالي للعقل، أما أن يدرك به صاحبه البعث والنشور والصراط والميزان والحوض فلا يمكن لأنها أمور غيبية بحتة، والعقل لا يدركها على جهة التفصيل. فلذلك العقل أحالنا على النص، فمادام أحالنا على النص أصبح العقل وسيلة وليس مصدرًا، والعقل من مصادر العلوم الإنسانية والعلوم التجريبية، بل الله ﷿ أعطى العقل من التكاليف ما ينوء به ما يستطيع، ولذلك فإن عقول البشر التي كدت وكلت في البحث عن أسرار الكون إلى الآن ما انتهت إلا إلى جزء يسير جدًا من أسرار هذا الكون.

1 / 24