Masar iyo Ilbaxnimada Islaamka
مصر والحضارة الإسلامية
Noocyada
والمعروف أن المؤرخ المغربي ابن خلدون وفد إلى مصر سنة 784ه/1382م ووصفه مدينة القاهرة يشهد بعظمة مصر في ذلك العصر، فقد كتب عن العاصمة المصرية: «فرأيت حاضرة الدنيا، وبستان العالم، ومحشر الأمم، ومدرج الذر من البشر، وإيوان الإسلام، وكرسي الملك تلوج القصور والأواوين في جوه، وتزهر الخوانق والمدارس والكواكب من علمائه.»
14
وروى ابن خلدون في هذه المناسبة ما قاله عن القاهرة عالم أوفده السلطان المغربي أبو عنان إلى مصر سنة 756ه/1358م، قال هذا السفير: «إن الذي يتخيله الإنسان فإنما يراه دون الصورة التي تخيلها لاتساع الخيال عن كل محسوس إلا القاهرة فإنها أوسع من كل ما يتخيل.»
وطبيعي أن وادي النيل فقد كل شأن خطير سياسي أو اجتماعي في العالم الإسلامي منذ الفتح العثماني إلى الحملة الفرنسية، وأتيح للفرنسيين ولمحمد علي من بعدهم أن يضعوا أساس مصر الحديثة، وأن يدخلوا إليها معالم المدنية الغربية، فأصبحت لمصر القيادة في العالم الإسلامي، ونهض بها محمد علي في وقت دب الضعف فيه إلى الدولة العلية حتى استطاع محمد علي أن يقول في حديث له مع القنصل الفرنسي ميمو: «إن محمد علي وسائر كبار رجال الدولة والأمة لا يريدون سوى إصلاح إدارة السلطنة وأحوالها، يريدون تجديد شبابها لتستطيع مقاومة أعدائها الطبيعيين، فهم الذين يريدون تفككها لا نحن. وهناك سبيل واحد أمام السلطنة يمكنها أن تسلكه لتسترد القوة التي فقدتها، ولتعززها بقوة جديدة لم تعرفها قبلا، وهو التفاهم مع محمد علي؛ فيصبح لها جيش عظيم، وأسطول يمكن مضاعفته، ويصبح لها رأس محمد علي، وذراع إبراهيم. لقد حدثتموني عن احتمال تدخل أوروبا بالسلاح، إني لا أخشى هذا التدخل، ولن يجرؤ عليه أحد، وإذ خطر للمسيحيين أن يحتلوا بلادي بزعم أنهم يدافعون عنها فإن عملهم هذا يشعل نار ثورة عامة عليهم، بل نار حرب دينية تفتك بهم فتكا ذريعا، ويكون الذين سهلوا لهم القدوم إلينا ضحاياها الأولى.»
15
ولسنا نزعم أن ثورة محمد علي وعمله على الاستقلال بمصر كانا من أسباب تعقد المسألة الشرقية، وازدياد الضعف في الدولة العلية، فالحق أنهما نتيجة، أو على أقل تقدير ظاهرة لهذا الضعف الذي دب إلى الدولة منذ بدأ انهزامها أمام النمسا والروسيا بسبب ضعف السلطة المركزية، وفساد الجيش والإدارة، وتدخل الأجانب في شئون الدولة الداخلية والخارجية.
وخطت مصر في عصر إسماعيل وخلفائه خطوات واسعة في سبيل الإفادة من المدنية الغربية، ولكنها لم تفقد يوما من الأيام صلتها بحضارة الإسلام، أو زعامتها بين الأمم الإسلامية.
نصيب مصر في تراث الإسلام
ولنعرج الآن على بعض مظاهر الحضارة الإسلامية لنرى الدور الذي كان لمصر في تطورها، ولكن علينا أن نذكر دائما أن وادي النيل كان من أكثر الأقاليم التي فتحها العرب إقبالا على اعتناق الإسلام، وأن الدين الجديد أيقظ مصر، وكان حافزا لها على أن تنهض بعد أن ظلت نحو عشرة قرون خاضعة لحكم الروم. ولا يفوتنا أن مصر إحدى الأمم القليلة التي تخلت نهائيا عن ماضيها الوطني، وعن لغتها القومية، ورمت بنفسها في أحضان الإسلام والمدنية الإسلامية، وفي الحق أننا نستطيع أن نتتبع تطور الثقافة في مصر منذ فجر الإسلام إلى العصر الحاضر، فنجد سلسلة متصلة الحلقات من الآثار الأدبية والعلمية، ولا غرو فقد أصبحت منذ دخول العرب إليها مركزا علميا في المملكة الإسلامية كما هي مركز سياسي.
1
Bog aan la aqoon