Masar Min Nasir Ila Harb
مصر من ناصر إلى حرب
Noocyada
رأيت ناصرا للمرة الأولى في ظروف استثنائية؛ ففي فبراير عام 1970م كلفت باستدعاء مراد غالب،
1
سفير مصر لدى موسكو، وقلت له: «الآن، نحن في النصف الأول من اليوم، وأنا أبلغك بناء على طلب الرئيس ناصر أنه سيصل إلى موسكو في زيارة سرية، وسوف نتوجه معا من الوزارة مباشرة إلى المطار لاستقباله.»
لم يبد غالب اندهاشا. كان يعلم أن ناصرا لا يولي ثقة لشفرة جهازه الدبلوماسي، ولعله لم يكن يوليها أيضا لبعض العاملين في الجهاز. وبالفعل لقد طلب ناصر أن نرتب الأمر بحيث لا يعرف بزيارته أحد من المصريين في موسكو عدا السفير وحده. ذهبت مع السفير إلى المطار وهناك شاهدت ناصرا للمرة الأولى.
كانت المباحثات في موسكو ناجحة. تم تسليم مصر أسلحة جديدة للدفاع الجوي، وكان من الضروري إرسال أطقم سوفييتية إلى مصر بصفة مؤقتة.
لم يفكر ناصر بعد عودته إلى القاهرة أن يوقف ما عرف باسم «حرب الاستنزاف». استمر تبادل إطلاق النيران عبر القناة، بينما راح الإسرائيليون يوجهون ضرباتهم الجوية إلى المناطق المصرية في العمق. لم يؤد هذا الوضع إلى نتائج عملية في تغيير عناد إسرائيل، وإنما زادت الموقف توترا. أما الضحايا من الجانب المصري فقد راحوا، بشكل رئيسي، هباء.
في هذا الوقت أدار الاتحاد السوفييتي مباحثات مكثفة مع الأمريكيين بهدف إيجاد حلول سلمية للصراع
Conflict
في الشرق الأوسط. وقد سارت الأمور بشكل سيئ؛ بسبب الموقف المتعنت الذي اتخذته الولايات المتحدة الأمريكية، والذي كان مؤيدا تماما لإسرائيل. وفي الوقت نفسه، فقد أظهر العرب أيضا تطرفا تجاه الموقف المتشدد من جانب إسرائيل، فلم يوافقوا، كما بدا، على الصياغات المعقولة في التسوية السياسية.
لقد تراكم عدد من الأسئلة: إلى أي مدى يمكن للمصريين أن يذهبوا في سبيل تسوية الوضع، الذي ينبغي أن يقوم على انسحاب القوات الإسرائيلية من جميع الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967م؟ وهل سيتفق الجانبان على «وقف حالة الحرب»، أم أنهما سيكونان على استعداد للمضي قدما من أجل إقرار «حالة السلام»؟ ومتى يمكن لهذه الحالة أن تسود؟ كان من المفترض أن تتم جدولة خطة التسوية، بحيث يتم الانسحاب على مرحلتين. فمتى يمكن أن تحل، فرضا، حالة السلام عند انسحاب آخر جندي إسرائيلي من الأراضي المصرية، أم، ربما، بعد إتمام المرحلة الأولى من انسحاب هذه القوات؟ ثم ما الالتزامات التي ينبغي على الجانب المصري أن يؤديها بعد الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية، عند صياغة شروط السلام؟ هل يمكن، على سبيل المثال، أن يصل إلى التعهد بعدم السماح بقيام أعمال عدائية من أراضيها ضد إسرائيل؟ وأخيرا، هل كان السؤال مطروحا بشأن مواصلة «حرب الاستنزاف»؛ فهذه «الحرب» كانت تعوق محاولات التسوية، بل كانت تعوق، في الواقع، دخول وحدات الدفاع الجوي السوفييتية. فهل كان من الممكن وقفها ولو لفترة محدودة؟
Bog aan la aqoon