Masar Min Nasir Ila Harb
مصر من ناصر إلى حرب
Noocyada
ص154:
لم يكن الخلاف في وجهات النظر بين السادات ووزير خارجيته محمود رياض وهما، كما أعلن ذلك الكاتب، وإنما كان حقيقة. إن رياض الوطني النزيه وصاحب الخبرة العريضة في الاتصالات مع الأمريكيين، كان يدرك أهدافهم، ويعرف عادتهم أيضا. كان رياض ضد التواطؤ مع الأمريكيين (فضلا عن أن يتم ذلك من وراء ظهر الاتحاد السوفييتي)، ومن الواضح أنه لم يكن على علم بالاتصالات السرية بين السادات ووكالة المخابرات المركزية، وفي كل الأحوال، فهو لم يكن مطلعا على مضمون الرسائل الدءوبة بينهما. ليس من الغريب إذن أن قام السادات على الفور بإزاحة رياض من منصبه كوزير للخارجية، بعد أن راح يتعاون على نحو أكثر علانية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
كان السادات قد غير من نهجه، ولهذا راح يتعامل مع رياض بقدر من الريبة، الأمر الذي ساعد عليه أن رياض كان متعاطفا مع علي صبري، وكان يعتبره من أكثر الرجال ذكاء في البلاد.
ص157:
إن الملاحظة التي أبداها هيكل بشأن أن الاتحاد السوفييتي لم تكن له أية علاقة فيما يخص الخطط العسكرية المصرية هي ملاحظة صحيحة، بل إن الأمريكيين أنفسهم كانوا يرفضون في وقت ما أن يصدقوا ذلك.
ص157:
كان السادات يسمح لنفسه بالفعل بالتحدث على هذا النحو المفتقد إلى اللياقة عن الزعماء السوفييت، ودائما ما كان يحب أن يقارن نفسه تارة بستالين وتارة بتشرشل. باختصار كانت أكاليل المجد تقض مضجعه.
من الصفات المميزة لهيكل أنه كان يخشى أن يذكر أي شيء إيجابي عن الشخصيات التقدمية من طراز عزيز صدقي. وهو لم يقدر على أي نحو حقيقة استبدال صدقي بمحمود فوزي لمنصب رئيس الوزراء، من الواضح أن هيكل، وقد كان قريبا دائما في علاقته بالدكتور فوزي، كان على علم بالخلاف القائم بين محمود فوزي والسادات فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية تجاه مصر. وتكشف الأحداث التي وقعت بعد عامين، أنه على الرغم من أن محمود فوزي كان يقف دائما إلى جانب إجراء اتصالات مع الأمريكيين واستغلالهم لصالح مصر، فإنه لم يستطع أن يوافق على المغازلة التي لا حدود لها، والتي كان يبديها السادات للولايات المتحدة الأمريكية، وقد ترك محمود فوزي منصبه باعتباره رئيسا للوزراء لهذا السبب تحديدا. وقد قص هيكل على السفير السوفييتي عن الخلافات التي نشبت بين محمود فوزي والسادات.
ص158:
يفتقد تأكيد هيكل بشأن إصابة القاذفات من طراز تو-16 إلى أي دليل، والأرجح أنه استمع إلى هذه القصة من السادات، الذي قام بتضخيمها بعد أن نجح في الحصول على هذه الطائرات من الاتحاد السوفييتي. فبعد أن تسلم السادات هذه الطائرات وجد نفسه وقد فقد الحجة على توجيه الاتهامات للاتحاد السوفييتي، عندئذ قام بتلفيق هذه الحكاية ليثبت أنها دون المستوى! آنذاك كان المصريون قد بات باستطاعتهم العمل على الطائرات من طراز تو-16، التي، مثلها مثل أي طائرة، كانت، إلى جانب خواصها الإيجابية، بها عيب هو قلة سرعتها نسبيا. على أنها كانت مجهزة لقذف الصواريخ من الجو إلى الأهداف البعيدة المدى. فإذا ما أخذنا في الاعتبار أن المسافات المتاحة في مسرح العمليات العسكرية المصرية ليست واسعة، فإن هذه القاذفات ليست بحاجة إلى طلعات تصل فيها إلى سرعتها القصوى، الأمر الذي يمكن أن يمثل خطورة عليها؛ فالطائرة تو-16 هي بالدرجة الأولى «سلاح ردع» لإسرائيل. ليس من العجيب إذن أن السادات، بعد أن تسلم أخيرا القاذفات من طراز تو-16 التي كان ناصر قد طلبها، بدأ على الفور حملة تشهير لكي يبرر عدم الاستفادة بها؛ إذ إنه، كما اتضح، لم يكن في الحقيقة يعتزم القتال!
Bog aan la aqoon